وَمِنْ شَأْنِ النَّاسِ أَنْ يَحْفَظُوا الصَّوَابَ لِلْعُجْبِ بِهِ وَالشَّغَفِ، وَيَتَنَاسَوْنَ الْخَطَأَ، لأَنَّهُ الأَصْلُ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ، وَالأَمْرُ الَّذِي لا يُنْكِرُونَهُ، وَمَنْ ذَا الَّذِي يَتَحَدَّثُ بِأَنَّهُ سَأَلَ الْمُنَجِّمَ فَأَخْطَأَ؟ ! وَإِنَّمَا التَّحَدُّثُ بِأَنَّهُ سَأَلَهُ فَأَصَابَ.
وَالصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ أَمْرَينِ قَدْ يَقَعُ أَحْيَانًا لِلْمَعْتُوهِ وَالطِّفْلِ، فَضْلا عَنِ المُتَلَطِّفِ الرَّفِيقِ، وَالْقَوْلُ فِي إِصَابَةِ الْمُنَجِّمِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ فِي الطَّيْرَةِ:
تَعَلَّمْ أَنَّهُ لا طَيْرَ إِلا ... عَلَى مُتَطَيِّرٍ وَهِيَ الثُّبُورُ
بَلْ شَيْءٌ يُوَافِقُ بَعْضَ شَيْءٍ ... أَحَايِينًا وَبَاطِلُهُ كَثِيرُ
وَإِنْ وُجِدَ لِمَنْ يَدَّعِي الأَحْكَامَ إِصَابَةٌ فِي شَيْءٍ، فَخَطَؤُهُ أَضْعَافُهُ، وَلا تَبْلُغُ إِصَابَتُهُ عُشْرَ مِعْشَارِهِ، وَتَكُونُ الإِصَابَةُ اتِّفَاقًا