أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفًا, ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه».
قال النووي: قال أهل اللغة أصل الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان، والاختبار، قال القاضي: ثم صارت في عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء.
قال أبو زيد: فتن الرجل يفتن فتونًا إذا وقع في الفتنة, وتحول من حال حسنة إلى سيئة.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وتطلق الفتنة على الكفر والغلو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتال والتحول من الحسن إلى القبيح والميل إلى الشيء والإعجاب به، وتكون في الخير والشر كقوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}.
قلت: والمراد بما في حديث حذيفة رضي الله عنه الفتنة في الشر لقوله: «فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء, وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء» والله أعلم.
وقوله: «تعرض الفتن على القلوب» قال النووي: قال الأستاذ أبو عبد الله بن سليمان: معناه تظهر على القلوب أي تظهر لها فتنة بعد أخرى، وقوله كالحصير أي كما ينسج الحصير عودًا عودًا وشظية بعد أخرى، شبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدًا بعد واحد. ومعنى أشربها دخلت فيه دخولاً تامًا, وألزمها, وحلت به محل الشراب, ومعنى نكت نكتة نقط نقطة. انتهى.