وقال تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَاتِيَهُمْ بَاسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَاتِيَهُمْ بَاسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَامَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}.
إذا علم ما ذكرنا من فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فليعلم أيضًا أنهما واجبان على كل مسلم بحسب قدرته, كما تقدم في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
وعلى هذا, فمن اقتصر على الإنكار بقلبه وهو قادر عليه بلسانه, فقد ترك الواجب عليه، وخالف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وكذلك من اقتصر على الإنكار بلسانه وهو قادر عليه بيده، فإما الإنكار بالقلب فهو واجب بكل حال لا يعذر أحد بتركه، ومن لم ينكر المنكرات بقلبه بأن يبغضها, ويكرهها ويمقت فاعلها, فليس بمؤمن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: هلك من لم يعرف قلبه معروفًا, ولم ينكر منكرًا. رواه ابن جرير.
وروى أبو نعيم في الحلية عن أبي الطفيل أنه سمع حذيفة رضي الله عنه يقول: يا أيها الناس, ألا تسألوني, فإن الناس كانوا يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير, وكنت أسأله عن الشر، أفلا تسألون