ذلك البوصيري في قصيدته المشهورة، فقال:
أبان مولده عن طيب عنصره ... يا طيب مبتدإ منه ومختتم
يوم تفرس فيه الفرس أنهم ... قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدع ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسف ... عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساء "ساوه" أن غاضت بحيرتها ... ورد واردها بالغيظ حين ظمي
ويقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه فقه السيرة: إن هذا الكلام تعبير غلط عن فكرة صحيحة، فإن ميلاد محمد -صلى الله عليه وسلم- كان حقًّا إيذانًا بزوال الظلم واندثار عهده واندكاك معالمه.
وقد كانت رسالة محمد بن عبد الله أخطر ثورة عرفها العالم للتحرر العقلي والمادي1، وكان جند القرآن أعدل رجال وعاهم التاريخ وأحصى فعالهم في تدويخ المستبدين وكسر شوكتهم طاغية إثر طاغية، فلما أحب الناس -بعد انطلاقهم من قيود العسف- تصوير هذه الحقيقة، تخيلوا هذه الإرهاصات وأحدثوا لها الروايات الواهية2، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- غني عن هذا كله، فإن نصيبه