وكان عليه السلام يجيب من دعاه ويقبل الهدية مهما كانت ويكافئ عليها بمثلها أو بأحسن منها، وكان يمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويلاعب صبيانهم ويجالسهم في حجره، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المعتذر، وكان يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة، ولم يُر قط ماداً رجليه بين أصحابه،حتى يضيق بها على أحد، وكان يُكرم من يدخل عليه ولا يدعوهم بأسمائهم تكرمةً لهم1.

وأما الشفقة والرحمة بجميع الخلق فقد وصفه الله بها في قوله: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} 2، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} 3.

وقد روي أن أعرابيًا جاءه يطلب منه شيئًا، فأعطاه ثم قال: "أأحسنت إليك؟ " قال الأعرابي: لا، ولا أجملت.

فغضب المسلمون وقاموا إليه. فأشار إليهم أن كُفوا.. ثم قام ودخل منزله وأرسل إليه وزاده شيئًا ثم قال: "أأحسنت إليك؟ " فقال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا. فقال عليه السلام: "إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك"، قال: نعم. فلما كان الغد أو العشي جاء، فقال عليه الصلاة والسلام: " إن هذا الأعرابي قال ما قال، فزدناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟ " قال: نعم، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرًا. فقال عليه السلام: "مثلي ومثل هذا مثل رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورًا، فناداهم صاحبها: خَلُّوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015