وإذا كانت الريح قد حملت ميكروب الجدري فلماذا هلك الأحباش وحدهم، ولم يهلك معهم العرب؟.
وإذا كان حادث الفيل قد وقع عام ميلاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فمن المعقول1 أن "سورة الفيل" قد نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في وقت كان يعيش فيه من أهل مكة أناس رأوا حادث الفيل بأعينهم، وبعضهم من أعداء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلو لم تكن الطيور طيورًا حقيقية والحجارة حجارة حقيقية لظهر من العرب من يسارع إلى تكذيب هذه السورة، ويعلن ذلك على رءوس الأشهاد وينتهزها فرصة في الكيد لمحمد -صلى الله عليه وسلم- والطعن عليه.
ولكن الواقع أن "سورة الفيل" قد نزلت، فتلقاها العرب بالقبول؛ لأنها تقرر حقيقة معروفة عندهم لا شك فيها ولا يجرؤ أحد على إنكارها.
وعلى هذا، فالطير الأبابيل، هي الطيور الحقيقية المعروفة لدى العرب، ولعلها غارات جوية وقعت في هذا العالم قبل الأوان، ولم يصنعها إنسان ليبطش بأخيه الإنسان، ولكن صنعها القهار ليكبح بها جماح الظلم والعدوان.
ولقد سجل العرب في شعرهم هذا الحادث العجيب، وتغنوا به أمام العصور والأجيال، ومن ذلك قول نفيل بن حبيب2 يصور ما وقع للأحباش في ذلك اليوم: