وغيره.
ومن كان عمله يقتضي السفر دائما، مثل الملاح والمكاري، فإنه يرخص له القصر والفطر، لأنه مسافر حقيقة)) (1) .
أسوق هذا لأني وجدتُ وسمعتُ من بعض مشايخ هذا الزّمان! صرف الأحكام المتعلّقة
بالسفر أو بعضها، عن العمل بها، بحجّة أن السفر يتم الآن بواسطة المراكب الحديثة، من طائرات وغيرها، وما هذا بحجّة يجب المصير إليها، وإنما هو الرأي، والعياذ بالله.
ونسي هؤلاء أن تشريع الله ـ سبحانه وتعالى ـ لكل زمان ومكان، وحتى يرث الله الأرض ومَنْ عليها، وأن الذي يقيد ويخصص هو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكم أحببتُ أن يقرأ هؤلاء قول الله تبارك وتعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (2) .
فهذا ربنا ـ سبحانه ـ يخبرنا أنه يخلق مالا نعلم من مركوبات، غير الموجودة في زمن الوحي: طائرات، وقاطرات، وسيارات، وغيرها.
فعجباً لهؤلاء! أليست هذه من خلق الله؟ أم أن الله لا يعلم أنها كائنة؟! حاشا وكلا، وربنا ـ سبحانه ـ لم يخبرنا أنه عند وجود غير هذه المركوبات التي سمّى لنا في الآية، تلغي أحكام السفر أو تقديها أو تخصصها.
فأحكم السفر إذن باقية كما هي على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (3) .
وتعلم ـ أخي المصلّى ـ خطأ تارك القصر في السفر، حين تعلم أن حكم القصر فيه الوجوب، وإليه ذهب الحنفية، وروي عن علي بن أبي طالب وعمر ـ رضي الله عنهما ـ كما في ((نيل الأوطار)) (4) ونسبه الخطابي لمذهب أكثر علماء السلف، وفقهاء الأمصار، ولعمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس وعمر بن عبد