أُصلي في المسجد، إلا أن تكون صلاةً مكتوبة (1) .

وقد وقع التصريح بهذا في رواية من روايات حديث زيد بن ثابت الصحيح، فوقع في ((سنن أبي داود)) بإسنادٍ صحيح: ((صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة)) (2) .

والمقصود من سردنا للأحاديث السابقة:

أن ندلّل أن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعْلُ عامة السّنن والتطوّع في بيته.

وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((والسنة أن يفصل بين الفرض والنّفل في الجمعة وغيرها، كما ثبت في ((الصحيح)) عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن توصل صلاة بصلاة، حتى يفصل بينهما بقيامٍ أو كلام فلا تفعل ما يفعله كثير من الناس يَصِلُ السّلام بركعتي السنة، فإن في هذا ارتكاباً لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذا من الحكمة: التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة، ولهذا استحب تعجيل الفطور وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة، ونهى عن

استقبال رمضان بيوم أو يومين.

فهذا كله للفصل بين المأمور به من الصيام، وغير المأمور به، والفصل بين العبادة وغيرها. وهكذا تمييز الجمعة التي أوجبها الله من غيرها، وأيضاً كثير من أهل البدع ـ كالرافضة وغيرهم ـ لا ينوون الجمعة، بل ينوون الظهر، ويظهرون أنهم سلّموا وما سلّموا، فَيُصَلُّون ظهراً، وظنّ ظان أنهم يصلون السنة. فإذا حصل تمييز بين الفرض والنفل؛ كان في هذا منع لهذه البدعة، وهذا له نظائر كثيرة، والله سبحانه أعلم)) (3) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015