وفي ((الدارية)) : وبه يعرف جواز رفع المؤذنين أصواتهم في الجمعة والعيدين وغيرهما.
انتهى.
وعقب عليه ابن الهمام بقوله: ((ليس مقصوده خصوص الرفع الكائن في زماننا، بل أصل الرفع لإِبلاغ الانتقالات، أما خصوص هذا الذي تعارفوه في هذه البلاد، فلا يبعد أنه مفسد، فإنه غالباً يشتمل على مد الهمزة (الله) أو (أكبر) أو بائه، وذلك مفسد، وإن لم يشتمل، فلأنهم يبالغون في الصّياح زيادة على حالة الإِبلاغ والاشتغال بتحريرات النغم إظهاراً للصناعة النغمية لا إقامة للعبادة)) (3) ثم قال معلقاً على التّنغيم: ((ولا
أرى ذلك يصدر ممن فهم معنى الصّلاة والدّعاء، كما لا أرى تحرير النغم في الدّعاء، كما يفعله القراء في هذا الزّمان يصدر ممن فهم معنى الدعاء والسؤال، وما ذلك إلا نوع لعب، فإنه لو قدّر في الشاهد: سائل حاجة من مَلِكٍ أدّى سؤاله وطلبه، تحرير النغم فيه من الرفع والخفض، والتغريب والرجوع، كالتغني، نسب البتة إلى السخرية واللعب، إذ مقام طلب الحاجة التضرّع لا التغني)) (4) .
فكيف بمن لا حاجة له أصلاً!! خصوصاً مع وجود مكبّرات الصّوت هذه الأيّام.
وفي ((السيرة الحلبية)) : اتفق الأئمة الأربعة على أن التبليغ حينئذ ـ أي عند عدم الحاجة إليه ـ بدعة منكرة، أي مكروهة، وأما عند الاحتياج إليه فمستحب.
وكم من مسجد، يكفيه صوت الإِمام، ومع ذلك فترى وراءهُ مبلّغاً، يزعج النّاس بصوته، ويشوش عليهم بصيحته، وقد قرأتَ ما قال العلماء فيه، فليكن