عن أبي صالح قال: رأيت أبا سعيد في يوم الجمعة يصلي إلى شيء، يستره من النّاس، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشابّ فلم يجد مساغاً إلا بين يديه، فعاد ليجتاز، فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد، ثم دخل على مروان فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان، فقال: مالك ولا بن أخيك يا أبا سعيد؟ قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكره (1) .
في هذين الحديثين: مشروعية ردّ المار بين يدي المصلّي، وقرر الفقهاء: أن الرد يكون بأسهل الوجوه، فإن أبى فبأشدّها، وإن أدى إلى قتله فلا شيء عليه، كالصّائل عليه لأخذ نفسه أو ماله، وقد أباح له الشرع مقاتلته، والمقاتلة المباحة لاضمان فيها (2) .
وقال القاضي عياض: ((وأجمعوا على أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح، ولا يؤدّي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك، فلا قود عليه باتفاق العلماء.
وهل يجب ديته أم يكون هدراً؟
فيه مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك رضي الله عنه.
وكذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليردّه، وإنما يدفعه ويردّه من موقفه، لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه، وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه، ولهذا أمر بالقرب من سترته، وإنما يرده