الأعراف وآخرها، وجملة سورة الأنعام، وغالب سور القرآن، بل كل سورة في القرآن فهي متضمنة لنوعي التوحيد، بل نقول قولاً كليّاً: إنَّ كلَّ آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد شاهدة به داعية إليه؛ فإنَّ القرآن إمَّا خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإمَّا دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كلِّ ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإمَّا أمرٌ ونهيٌ وإلزامٌ بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإمَّا خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإمَّا خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد1.
فالقرآن كلُّه في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم، ف {الْحَمْدُ للهِ} توحيد، {رَبِّ الْعَالَمِينَ} توحيد، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} توحيد، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} توحيد، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} توحيد، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} توحيد، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} توحيد متضمن لسؤال الهداية إلى طريق أهل التوحيد، الذين أنعم الله عليهم، {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّين} الذين فارقوا التوحيد ... "2.