لازما، وهذا غاية ما يريده الشيطان من العبد، ومتى وصل إلى هذا الحد لم يرج له خير إلا بتوبة نصوح وإقلاع قوي.
الثاني: أن يقوى خوف العبد بما جنت يداه من الجرائم، ويضعف علمه بما لله من واسع الرحمة والمغفرة، ويظن بجهله أن الله لا يغفر له ولا يرحمه ولو تاب وأناب، وتضعف إرادته فييأس من الرحمة، وهذا من المحاذير الضارة الناشئة من ضعف علم العبد بربه، وما له من الحقوق، ومن ضعف النفس وعجزها ومهانتها. فلو عرف هذا ربه ولم يخلد إلى الكسل، لعلم أن أدنى سعي يوصله إلى ربه، وإلى رحمته وجوده وكرمه.
وللأمن من مكر الله أيضا سببان مهلكان: أحدهما: إعراض العبد عن الدين وغفلته عن معرفة ربه وما له من الحقوق، وتهاونه بذلك فلا يزال معرضا غافلا مقصرا عن الواجبات، منهمكا في المحرمات، حتى يضمحل خوف الله من قلبه، ولا يبقى في قلبه من الإيمان شيء؛ لأن الإيمان يحمل على خوف الله وخوف عقابه الدنيوي والأخروي.
السبب الثاني: أن يكون العبد عابدا جاهلا معجبا بنفسه مغرورا بعمله، فلا يزال به جهله حتى يدل بعمله ويزول الخوف عنه، ويرى أن له عند الله المقامات العالية، فيصير آمنا من مكر الله متكلا على نفسه الضعيفة المهينة، ومن هنا يخذل ويحال بينه وبين التوفيق؛ إذ هو الذي جنى على نفسه. فبهذا التفصيل تعرف منافاة هذه الأمور للتوحيد.