[التعليق:]

باب:

قول الله تعالى {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} 1.

مقصود الترجمة أنه يجب على العبد أن يكون خائفا من الله، راجيا له راغبا راهبا، إن نظر إلى ذنوبه وعدل الله وشدة عقابه خشي ربه وخافه، وإن نظر إلى فضله العام والخاص وعفوه الشامل رجا وطمع، إن وفق لطاعة رجا من ربه تمام النعمة بقبولها، وخاف من ردها بتقصيره في حقها، وإن ابتلي بمعصية رجا من ربه قبول توبته ومحوها، وخشي بسبب ضعف التوبة والالتفات للذنب أن يعاقب عليها، وعند النعم والمسار يرجو الله دوامها والزيادة منها والتوفيق لشكرها، ويخشى بإخلاله بالشكر من سلبها، وعند المكاره والمصائب يرجو الله دفعها وينتظر الفرج بحلها، ويرجو أيضا أن يثيبه الله عليها حين يقوم بوظيفة الصبر، ويخشى من اجتماع المصيبتين فوات الأجر المحبوب، وحصول الأمر المكروه إذا لم يوفق للقيام بالصبر الواجب، فالمؤمن الموحد في كل أحواله ملازم للخوف والرجاء وهذا هو الواجب وهو النافع، وبه تحصل السعادة، ويخشى على العبد من خلقين رذيلين:

أحدهما: أن يستولي عليه الخوف حتى يقنط من رحمة الله وروحه.

الثاني: أن يتجارى به الرجاء حتى يأمن مكر الله وعقوبته، فمتى بلغت به الحال إلى هذا، فقد ضيع واجب الخوف والرجاء اللذين هما من أكبر أصول التوحيد وواجبات الإيمان.

وللقنوط من رحمة الله واليأس من روحه سببان محذوران: أحدهما: أن يسرف العبد على نفسه ويتجرأ على المحارم فيصر عليها ويصمم على الإقامة على المعصية، ويقطع طمعه من رحمة الله؛ لأجل أنه مقيم على الأسباب التي تمنع الرحمة، فلا يزال كذلك حتى يصير له هذا وصفا وخلقا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015