وَسَيَأْتِي حكم هذَيْن فِي الْحُدُود وَأما الْكفَّار فَجَمِيع أصنافهم وَرُوِيَ عَن مَالك ترك قتال الْحَبَشَة وَالتّرْك وَلَا يقتل النِّسَاء وَلَا الصّبيان اتِّفَاقًا إِلَّا أَن قَاتلُوا وَيعْتَبر فِي الصّبيان الإنبات وَقيل الِاحْتِلَام وَلَا يقتل الرهبان وَلَا أهل الصوامع وَلَا الشَّيْخ الفاني خلافًا للشَّافِعِيّ إِلَّا أَن يخَاف مِنْهُم أَذَى أَو تَدْبِير وَلَا يقتل الْمَعْتُوه وَلَا الْأَعْمَى والزمن وَاخْتلف إِن كَانَا ذَوي تَدْبِير وَاخْتلف فِي الْأَجِير والحراث وَلَا يقتل الْمُسلم أَبَاهُ الْكَافِر إِلَّا أَن يضطره لذَلِك بِأَن يخافه على نَفسه (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) فِي الدعْوَة قبل الْقِتَال وَهِي مُخْتَصَّة بِمن لم تبلغهم دَعْوَة الْإِسْلَام فَيدعونَ إِلَيْهِ أَولا فَإِن أجابوا كف عَنْهُم وَإِن أَبَوا عرضت عَلَيْهِم الْجِزْيَة فَإِن أَبَوا قوتلوا وَأما من بلغتهم فَلَا يدعونَ وتلتمس غرتهم وَقَالَ قوم يجب أَن يدعوا مُطلقًا وَقَالَ قوم يسْتَحبّ (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة) فِيمَن يستعان بِهِ وهم الْمُسلمُونَ الْأَحْرَار البالغون وَيجوز بِالْعَبدِ بِإِذن سَيّده وبالمراهقين الأقوياء وَلَا يجوز بالمشركين خلافًا لَهما قَالَ ابْن حبيب هَذَا فِي الصَّفّ والزحف وَأما فِي الْهدم فَلَا بَأْس بِهِ قَالَ وَلَا بَأْس أَن يقوم بِمن سالمه على من حاربه (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة) فِيمَا يخرج بِهِ وَلَا يخرج بالأهل إِلَى بِلَاد الْعَدو وَلَا يدرب إِلَّا الْعَسْكَر الْعَظِيم وَلَا يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو وَإِن كَانَ الْجَيْش عَظِيما لم يُسَافر بِهِ مَخَافَة سُقُوطه ونسيانه خلافًا لأبي حنيفَة (الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة) فِي وُجُوه الْقِتَال وَلَا بَأْس بهدم قراهم وحصونهم وتغريقها فِي المَاء وقطعه عَنْهُم وإخرابها وَالرَّمْي عَلَيْهِم بالمنجنيق وَفِي النَّار خلاف وَلَا بَأْس بِقطع شَجَرهَا المثمر وَغَيره وَإِن كَانَ مَعَهم أُسَارَى مُسلمُونَ لم يحرق وَلم يغرق وَاخْتلف فِي المنجنيق وَقطع المَاء فَإِن كَانَ مَعَهم نسَاء وصبيان فَأَرْبَعَة أَقْوَال جَوَاز المنجنيق دون التحريق والتغريق وَهُوَ الْمَشْهُور وَجَوَاز الْجَمِيع وَمنع الْجَمِيع وَمنع التحريق وَلَو تترسوا بِالنسَاء وَالصبيان تركناهم إِلَّا أنيخاف من تَركهم على الْمُسلمين فيقاتلون وَأَن اتَّقوا بهم وَيجوز قتل دوابهم خلافًا للشَّافِعِيّ وَابْن وهب وَرُوِيَ عَن مَالك التَّخْيِير بَين قَتلهَا وعرقبتها وَاتفقَ على قتل الْفرس تَحت الْفَارِس وَفِي النَّحْل خلاف وَلَا يجوز حمل رُؤُوس الْكفَّار من بلد إِلَى بلد وَلَا حملهَا إِلَى الْوُلَاة) الْمَسْأَلَة السَّادِسَة) فِي الْفِرَار لَا يجوز الِانْصِرَاف من صف الْقِتَال إِن كَانَ فِيهِ انكسار الْمُسلمين وَإِن لم يكن فَيجوز لمتحرف لقِتَال أَو متحيز إِلَى فِئَة والتحرف لِلْقِتَالِ هُوَ أَن يظْهر الْفِرَار وَهُوَ يُرِيد الرُّجُوع مكيدة فِي الْحَرْب والتحيز إِلَى الْجَمَاعَة الْحَاضِرَة جَائِز وَاخْتلف فِي التحيز إِلَى جمَاعَة غَائِبَة من الْمُسلمين أَو مَدِينَة وَلَا يجوز الانهزام إِلَّا إِذا زَاد الْكفَّار على ضعف الْمُسلمين وَالْمُعْتَبر الْعدَد فِي ذَلِك على الْمَشْهُور وَقيل الْقُوَّة وَقيل إِذا بلغ عدد الْمُسلمين اثْنَي عشر ألفا لم يحل الانهزام وَلَو زَاد الْكفَّار على الضعْف وَإِن علم الْمُسلمُونَ أَنهم مقتولون فالانصراف أولى وَإِن علمُوا مَعَ ذَلِك أَنهم لَا تَأْثِير لَهُم فِي نكاية الْعَدو وَجب الْفِرَار وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي لَا خلاف فِي ذَلِك وَإِذا حصرت الْمَدِينَة فضعفوا قَالَ ربيعَة الْخُرُوج إِلَى الْقِتَال أحب إِلَيّ من الْمَوْت جوعا وَقد اخْتلف فِي الْمركب يلقى عَلَيْهِ النَّار هَل يلقى الرجل نَفسه ليغرق أم لَا وَأما إِن قوتل فَلَا يغرق نَفسه بل يقف لِلْقِتَالِ حَتَّى