فِي أَثْنَائِهَا تعين الْجَامِع لِأَنَّهُ إِن خرج إِلَى الْجُمُعَة بَطل اعْتِكَافه خلافًا لأبي حنيفَة وَابْن الماشجون وَلَا يخرج من مُعْتَكفه إِلَّا لأربعة أَشْيَاء لحَاجَة الْإِنْسَان وَلما لَا بُد مِنْهُ من شِرَاء معاشه وللمرض وَالْحيض وَإِذا خرج لشَيْء من ذَلِك فَهُوَ فِي حكم الِاعْتِكَاف حَتَّى يرجع (وَأما زَمَانه) فأقله يَوْم وَلَيْلَة وَالِاخْتِيَار أَن لَا ينقص من عشرَة أَيَّام وَلَا حد لأقله عِنْدهمَا وَيسْتَحب أَن يدْخلهُ قبل غرُوب الشَّمْس من لَيْلَة الْيَوْم الَّذِي يبْدَأ فِيهِ فَإِن فعل ذَلِك أَجْزَأَ اتِّفَاقًا وَإِن دخل بعد الْفجْر لم يجزه وَإِن دخل بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَفِي الصِّحَّة والبطلان قَولَانِ وَأما الْخُرُوج فَإِن خرج بعد غرُوب الشَّمْس من آخر يَوْم أَجْزَأَ إِلَّا أَن اعْتكف آخر رَمَضَان فَإِنَّهُ يُؤمر فِي الْمَذْهَب أَن يبْقى حَتَّى يخرج لصَلَاة الْعِيد وَاخْتلف هَل ذَلِك على الْوُجُوب أَو النّدب وعَلى ذَلِك هَل يبطل اعْتِكَاف من خرج قبله أم لَا (وَأما شُرُوطه) فَثَلَاثَة النِّيَّة اتِّفَاقًا وَالصَّوْم خلافًا للشَّافِعِيّ والاشتغال بِالْعبَادَة على قدر الِاسْتِطَاعَة لَيْلًا وَنَهَارًا من الصَّلَاة وَالذكر والتلاوة خَاصَّة عِنْد ابْن الْقَاسِم وَمن سَائِر أَعمال الْآخِرَة عِنْد ابْن وهب فعلى الأول لَا يشْهد جَنَازَة وَلَا يعود مَرِيضا وَلَا يدرس الْعلم وعَلى الثَّانِي يفعل ذَلِك (وَأما مفسداته) فستة الْجِمَاع اتِّفَاقًا والمباشرة وَإِن لم ينزل خلافًا لأبي حنيفَة وَالرِّدَّة وَالسكر وَالْخُرُوج من مُعْتَكفه لغير مَا رخص لَهُ الْخُرُوج إِلَيْهِ وَإِن وَجب كالجهاد الْمُتَعَيّن وَالْحَبْس فِي دين والوقوع فِي كَبِيرَة كالقذف وَقد اخْتلف فِي ذَلِك وَلَا يفْسد فِي الْمَذْهَب بِطيب وَلَا عقد نِكَاح لنَفسِهِ وَلَا لغيره وَلَا يَنْفَعهُ إِن يشْتَرط فعل شَيْء يمْنَع الِاعْتِكَاف مِنْهُ خلافًا للشَّافِعِيّ
وَهِي الَّتِي قَالَ الله فِيهَا ((فِي لَيْلَة مباركة)) وَقَالَ ((خير من ألف شهر)) أَي الْعَمَل فِيهَا خير من الْعَمَل فِي غَيرهَا ألف شهر وَهِي بَاقِيَة لم ترفع عِنْد الْجُمْهُور وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهَا على ثَلَاثَة أَقْوَال الأول أَنَّهَا مُعينَة غير مَعْرُوفَة بل مخفية وَاخْتلف هَؤُلَاءِ على أَرْبَعَة أَقْوَال أَنَّهَا أخفيت فِي السّنة كلهَا وَفِي رَمَضَان وَفِي الْعشْر الْوسط مِنْهُ وَفِي الْعشْر الْأَوَاخِر وَالْقَوْل الثَّانِي أَنَّهَا مُعينَة مَعْرُوفَة وَاخْتلف هَؤُلَاءِ على أَرْبَعَة أَقْوَال لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث وَعشْرين وَخمْس وَعشْرين وَسبع وَعشْرين وَهُوَ أشهر وَأظْهر وَالْقَوْل الثَّالِث أَنَّهَا لَيست مُعينَة وَلَا مَعْرُوفَة بل منتقلة قَالَ ابْن رشد وَإِلَى هَذَا ذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن حَنْبَل وَهُوَ أصح الْأَقْوَال وعَلى ذَلِك فانتقالها فِي الْعشْر الْوسط من رَمَضَان وَفِي الْعشْر الْأَوَاخِر وَالْغَالِب أَن تكون من الْوسط لَيْلَة سَبْعَة عشر وَتِسْعَة وَمن الْأَوَاخِر فِي الأوتار مِنْهَا