وَالْخيَار الْمَشْرُوط هُوَ خِيَار التروي للاختبار والمشورة وَفِيه خمس مسَائِل (الْمَسْأَلَة الأولى) فِي حكمه وَيجوز أَن يَشْتَرِطه البَائِع أَو المُشْتَرِي أَو كِلَاهُمَا ثمَّ لمن اشْتَرَطَهُ أَن يمْضِي البيع أَو يردهُ مَا لم تنقض مُدَّة الْخِيَار أَو يظْهر مِنْهُ مَا يدل على الرضى إِذا اشترطاه مَعًا فَإِن اجْتمعَا على إمضائه أَو رده وَقع مَا اجْتمعَا عَلَيْهِ من ذَلِك وَإِن اخْتلفَا فِي الرَّد والإمضاء فَالْقَوْل قَول من أَرَادَ الرَّد وَيجوز البيع أَيْضا على خِيَار غَيرهمَا أَو رِضَاهُ أَو مشورته وَلَا يتَوَقَّف الْفَسْخ بِالْخِيَارِ على حُضُور الْخصم وَلَا قَضَاء القَاضِي وَاشْترط أَبُو حنيفَة حُضُور الْخصم (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) فِي مدَّته وأولها عِنْد العقد وَآخِرهَا مُخْتَلف باخْتلَاف المبيعات فَفِي الديار وَالْأَرْض الشَّهْر وَنَحْوه فَمَا دونه وَقَالَ ابْن الْمَاجشون الشَّهْر والشهران وَفِي الرَّقِيق جُمُعَة فَمَا دونهَا وروى ابْن وهب شهرا وَفِي الدَّوَابّ وَالثيَاب ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا دونهَا وَفِي الْفَوَاكِه سَاعَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة أمد الْخِيَار ثَلَاثَة لَا يُزَاد عَلَيْهَا وَأَجَازَهُ ابْن حَنْبَل لأي أمد اشْترط ثمَّ إِذا عقد العقد على الْخِيَار فَإِن جعلا لَهُ مُدَّة مَعْلُومَة على قدر مَا ذكرنَا جَازَ وَإِن زَاد فِي الْمدَّة على مَا هُوَ أمد خِيَارهَا فسد العقد وَإِن سكتا عَن تحديدها صَحَّ العقد وحملت على أمدها حَسْبَمَا ذكرنَا وَإِن جعلاه لمُدَّة مَجْهُولَة كقدوم زيد وَلَا إِمَارَة على قدومه فسد العقد (الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة) فِيمَا يعد رضى بِالْبيعِ من أَفعَال الْمُتَعَاقدين وَهِي على ثَلَاثَة أَقسَام (الأول) مَا يعد رضى بِاتِّفَاق كالتصريح بذلك قولا وكعتق العَبْد وكتابته وتزويج الْأمة والتمتع وَالِانْتِفَاع بهَا فَهَذِهِ من المُشْتَرِي تدل على الامضاء وَمن البَائِع تدل على الْفَسْخ (الثَّانِي) مَا لَا يعد رضى كركوب الدَّابَّة للاختبار وَلبس الثَّوْب وَشبهه فوجوده كَعَدَمِهِ (الثَّالِث) مُخْتَلف فِيهِ كرهن الْمَبِيع وإجارته والتسوم بالسلعة وَشبه ذَلِك من المحتملات فَيقطع الْخِيَار عِنْد أبي الْقَاسِم خلافًا أَشهب وَإِذا مَاتَ مشترط الْخِيَار فِي الْمدَّة فَالْخِيَار لوَرثَته خلافًا لأبي حنيفَة وَابْن حَنْبَل (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة) الْمَبِيع فِي مُدَّة الْخِيَار على ملك البَائِع فَإِن تلف فمصيبته مِنْهُ إِلَّا أَن قَبضه المُشْتَرِي فمصيبته مِنْهُ إِن كَانَ مِمَّا يُغَاب عَلَيْهِ وَلم تقم على تلفه بَينه وَإِن حدثت لَهُ عِلّة فِي أمد الْخِيَار فَهِيَ للْبَائِع وَإِن ولدت الْأمة فِي أمد الْخِيَار فولدها للْمُشْتَرِي عِنْد ابْن الْقَاسِم وَقَالَ غَيره للْبَائِع كالغلة فَهِيَ لَهُ وَلَا يجوز للْمُشْتَرِي اشْتِرَاط الِانْتِفَاع بِالْمَبِيعِ فِي مُدَّة الْخِيَار إِلَّا بقد الاختبار فَإِنَّهُ إِن لم يتم البيع بَينهمَا كَانَ انتفاعه بَاطِل من غير شَيْء كَمَا لَا يجوز للْبَائِع اشْتِرَاط النَّقْد فَإِنَّهُ إِن لم يتم البيع بَينهمَا كَانَ سلفا وَإِن تمّ كَانَ ثمنا فَإِن وَقع على ذَلِك فسخ البيع سَوَاء تمسك بِشَرْطِهِ أَو أسْقطه وَيجوز النَّقْد من غير شَرط (الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة) خِيَار الْمجْلس بَاطِل عِنْد مَالك وَالْفُقَهَاء السَّبْعَة بِالْمَدِينَةِ وَأبي حنيفَة فَالْبيع عِنْدهم يتم بالْقَوْل وَإِن لم يفترقا من الْمجْلس وَقَالَ الشَّافِعِي وَابْن حَنْبَل وسُفْيَان الثَّوْريّ وَإِسْحَاق إِذا تمّ العقد فهما بِالْخِيَارِ مَا لم يفترقا من الْمجْلس للْحَدِيث الصَّحِيح