مِنْهَا مَا يجوز وَمِنْهَا مَا لَا يجوز وَبَيَان ذَلِك أَنه يتَصَوَّر أَن يَبِيعهَا مِنْهُ بِمثل الثّمن الأول أَو أقل أَو أَكثر وَيتَصَوَّر فِي كل وَجه من ذَلِك أَن يَبِيعهَا إِلَى الْأَجَل الأول أَو أقرب أَو أبعد وَفِي معنى الْأَقْرَب النَّقْد فتكو الصُّور تسعا لِأَن ثَلَاثَة فِي ثَلَاثَة بِتِسْعَة (الأولى) أَن يَبِيعهَا بِمثل الثّمن إِلَى مثل الْأَجَل (الثَّانِيَة) أَن يَبِيعهَا بِمثل الثّمن إِلَى أبعد من الْأَجَل (الثَّالِثَة) بِمثل الثّمن بِالنَّقْدِ أَو أقرب من الْأَجَل (الرَّابِعَة) أَن يَبِيعهَا بِأَقَلّ من الثّمن إِلَى مثل الْأَجَل (الْخَامِسَة) بِأَقَلّ من الثّمن إِلَى أبعد من الْأَجَل فَهَذِهِ الصُّور الْخمس جَائِزَة اتِّفَاقًا (السَّادِسَة) بِأَقَلّ من الثّمن نَقْدا أَو إِلَى أقرب من الْأَجَل فَهَذِهِ لَا تجوز لِأَنَّهَا تُؤدِّي إِلَى سلف جر مَنْفَعَة فَإِن السَّابِق بِالدفع يعد مسلفا لِأَن كل من قدم مَا لَا يحل عَلَيْهِ عد مسلفا فَهُوَ قد قدم دفع الْأَقَل ليَأْخُذ السّلْعَة الَّتِي ثمنهَا أَكثر مِمَّا دفع (السَّابِعَة) أَن يَبِيعهَا بِأَكْثَرَ من الثّمن إِلَى مثل الْأَجَل (الثَّامِنَة) بِأَكْثَرَ من الثّمن إِلَى أقرب من الْأَجَل أَو نَقْدا فَتجوز هَاتَانِ الصورتان (التَّاسِعَة) أَن يَبِيعهَا بِأَكْثَرَ من الثّمن إِلَى أبعد من الْأَجَل فَهَذِهِ لَا تجوز لِأَنَّهَا تُؤدِّي إِلَى سلف جر مَنْفَعَة فَإِنَّهُ أَخّرهُ بِالثّمن ليَأْخُذ أَكثر وكل من أخر شَيْئا قد حل لَهُ عد مسلفا فتلخص من هَذَا أَنه تجوز سبع صور وتمنع اثْنَتَانِ وهما بِأَقَلّ من الثّمن إِلَى أقرب من الْأَجَل وبأكثر من الثّمن إِلَى أبعد من الْأَجَل لِأَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تُؤدِّي إِلَى سلف جر مَنْفَعَة وَلِأَن الْمُتَعَاقدين يتهمان بِأَن قصدهما دفع دَنَانِير بِأَكْثَرَ مِنْهَا إِلَى أجل وَأَن السّلْعَة وَاسِطَة لإِظْهَار ذَلِك فَيمْتَنع سدا للذريعة وأجازهما الشَّافِعِي وَدَاوُد حملا على عدم التُّهْمَة وَلِأَنَّهُمَا جعلا الْإِقَالَة بيعا ثَانِيًا وَأما سَائِر الصُّور فَلَا تتَصَوَّر فِيهَا تُهْمَة فَإِن وَقعت إِحْدَى هَاتين الصُّورَتَيْنِ الممنوعتين فسخ البيع الثَّانِي خَاصَّة عِنْد ابْن الْقَاسِم والبيعتان مَعًا عِنْد ابْن الْمَاجشون تَكْمِيل قد تكون الصُّور سبعا وَعشْرين وَذَلِكَ أَن الصُّور التسع الْمَذْكُورَة يتَصَوَّر فِيهَا أَن يَبِيع السّلْعَة وَحدهَا كلهَا وَأَن يَبِيع بِزِيَادَة عَلَيْهَا وَأَن يَبِيع بَعْضهَا فَثَلَاثَة فِي تِسْعَة بسبعة وَعشْرين والقانون فِيمَا يجوز مِنْهَا وَمَا لَا يجوز أَنه أَن كَانَ البيع الثَّانِي إِلَى مثل الأول جَازَ مُطلقًا لوُقُوع الْمُقَاصَّة فِيهِ وَإِن كَانَ نَقْدا أَو إِلَى أقرب من الْأَجَل فَإِن كَانَ اشْتَرَاهَا أَو بَعْضهَا فَيجوز بِمثل الثّمن أَو أَكثر وَلَا يجوز بِأَقَلّ وَإِن كَانَ اشْتَرَاهَا وَزِيَادَة عَلَيْهَا فَلَا يجوز بِمثل الثّمن وَلَا بِأَقَلّ وَلَا بِأَكْثَرَ وَأما إِلَى أبعد من الْأَجَل فَإِن كَانَ اشْتَرَاهَا وَحدهَا أَو اشْتَرَاهَا وَزِيَادَة عَلَيْهَا فَيجوز بِمثل الثّمن وَأَقل وَلَا يجوز بِأَكْثَرَ وَإِن كَانَ اشْترى بَعْضهَا فَلَا يجوز بِمثل الثّمن وَلَا أقل وَلَا أَكثر بَيَان يجوز بيع السّلْعَة من غير بَائِعهَا مُطلقًا وَأما مسَائِل هَذَا الْبَاب فَإِنَّمَا تتَصَوَّر فِي الْإِقَالَة وَهِي بيعهَا من بَائِعهَا وَالْإِقَالَة جَائِزَة ومندوب إِلَيْهَا مَا لم تجر إِلَى مَا لَا يجوز أَو التُّهْمَة بِمَا لَا يجوز وَهِي عِنْد مَالك بيع ثَان وَعند أبي حنيفَة فسخ للْبيع الأول وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَة جَائِزَة وَهِي إنْشَاء بيع ثَان فَيجوز فِيهَا مَا يجوز فِي الْبيُوع وَيمْنَع فِيهَا مَا يمْنَع فِي الْبيُوع