غَيْرُ الْأَوَّلِ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ:
(مِنْهَا) مُودِعُ الْمُودَعِ فَإِنْ كَانَ حَيْثُ يَجُوزُ الْإِيدَاعُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ سَبَقَ ذِكْرُهُمَا.
(وَمِنْهَا) الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَ حَيْثُ يَجُوزُ الْإِيجَارُ بِأَنْ كَانَ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الِانْتِفَاعِ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ الضَّمَانُ عَلَيْهَا وَقَرَارُهُ فِي الْعَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الثَّانِي بِحَالٍ مِنْ الْمُودِعِ.
(وَمِنْهَا) مُضَارِبُ الْمُضَارِبِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ فَهُوَ أَمِينٌ وَهَلْ الثَّانِي مُضَارِبٌ لِلْمَالِكِ وَالْأَوَّلُ وَكِيلٌ فِي الْعَقْدِ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ هُوَ مُضَارِبٌ لِلْأَوَّلِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ اخْتَارَ الثَّانِي فِيمَا إذَا دَفَعَهُ مُضَارَبَةً وَقُلْنَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَحَيْثُ مُنِعَ مِنْ دَفْعِهِ مُضَارَبَةً فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ لِدُخُولِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا يَرْجِعُ لِحُصُولِ التَّلَفِ تَحْتَ يَدِهِ وَقَدْ سَبَقَ أَصْلُهُ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَضْمَنَ الثَّانِي بِحَالٍ وَإِنْ عَلِمَ بِالْحَالِ فَهَلْ هُوَ كَالْغَاصِبِ لَا أُجْرَةَ لَهُ أَوْ كَالْمُضَارِبِ الْمُتَعَدِّي لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ قَالَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَحَكَاهُمَا صَاحِبُ الْكَافِي رِوَايَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِحَالَةِ الْعِلْمِ.
(وَمِنْهَا) وَكِيلُ الْوَكِيلِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فَهُوَ كَالْمُضَارِبِ فِي الضَّمَانِ.
(وَمِنْهَا) الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِلْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى بَصِيرَةٍ فَإِذَا تَلِفَتْ عِنْدَ الثَّانِي ضَمِنَهُ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُعِيرُ لَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ التَّغْرِيرِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِضَمَانِ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمَدَارُ عَلَى الثَّانِي لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ وَمَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ ضَمَانُهَا عَلَى الْأَوَّلِ لِتَغْرِيرِهِ، كَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ. وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الثَّانِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ.
(وَمِنْهَا) الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ هُوَ أَمِينٌ عَلَى الصَّحِيحِ لِقَبْضِهِ مِنْ يَدِ أَمِينٍ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا.
(وَمِنْهَا) الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ الْمُخَالِفِ مُخَالَفَةً يَفْسُدُ بِهَا الْبَيْعُ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ فَلِلْمُوَكِّلِ تَضْمِينُ الْقِيمَةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْمَشْهُورِ، ثُمَّ إنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ.
(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالتِّسْعُونَ) : مَنْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَهُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ يَظُنُّ لِنَفْسِهِ وِلَايَةً عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ خَطَأَ ظَنِّهِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَأُ الْمُتَسَبِّبِ أَوْ أَقَرَّ بِتَعَمُّدِهِ لِلْجِنَايَةِ ضَمِنَ الْمُتَسَبِّبُ