إتْلَافِهِ بِتَغْرِيرِهِ فَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا يَرْجِعُ الْمَغْرُورُ فِي النِّكَاحِ بِالْمَهْرِ، وَحَكَى طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَعَ التَّلَفِ بَلْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ وَرَجَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَهَذَا تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ بِانْتِفَاعِهِ أَوْ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا حَمَلَ الْقَاضِي عَلَيْهِ، رِوَايَةُ ابْنِ مَنْصُورٍ أَصَحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ وَبِذَلِكَ أَجَابَ عَنْ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَكَذَلِكَ أَجَابَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّمَاءِ الْحَادِثِ إذَا رُدَّ بِعَيْبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِرَدِّهِ كَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ أَوَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَمِنْهَا: فَسْخُ الْبَائِعِ لِإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ هَلْ يَتْبَعُهُ النَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَتْبَعُ وَهِيَ الْمُرَجَّحَةُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي رَجَعَتْ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا مَالُ الْبَائِعِ وَقَدْ اسْتَحَقَّهَا وَوَلَدَهَا وَهَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ لَفْظَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ أَحْمَدَ ذَكَرَ لَهُ قَوْلَ مَالِكٍ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْجَارِيَةَ وَالدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَيُعْطُوهُ حَقَّهُ كَامِلًا وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ فَقَالَ أَحْمَدُ تَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا مَالُهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ الرُّجُوعِ فِي الْجَارِيَةِ أَوْ الدَّابَّةِ.

وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِالرُّجُوعِ فِي الْوَلَدِ مَالِكٌ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ مُوَافَقَةٌ لَهُ وَأَبُو بَكْرٍ كَثِيرًا مَا يَنْقُلُ كَلَامَ أَحْمَدَ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَفْهَمُهُ مِنْهُ فَيَقَعُ فِيهِ تَغْيِيرٌ شَدِيدٌ وَوَقَعَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي كِتَابِ زَادِ الْمُسَافِرِ كَثِيرًا مَعَ أَنَّ ابْنَ أَبِي مُوسَى وَغَيْرَهُ تَأَوَّلُوا الرُّجُوعَ بِالْوَلَدِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ حَمْلًا، وَاخْتَارَ هُوَ وَابْنُ حَامِدٍ أَنَّهَا لِلْمُفْلِسِ لِأَنَّهَا نَمَتْ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَكَذَلِكَ صَحَّحَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ.

وَمِنْهَا: اللُّقَطَةُ إذَا جَاءَ مَالِكُهَا وَقَدْ نَمَتْ نَمَاءً مُنْفَصِلًا فَهَلْ يَسْتَرِدُّهُ مَعَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ خَرَّجَهُمَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْمُفْلِسِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا صَاحِبُ الْمُغْنِي وَيُحْتَمَلُ الرُّجُوعُ هُنَا بِالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ تَمَلُّكَهَا إنَّمَا كَانَ مُسْتَنِدًا إلَى فَقْدِ رَبِّهَا فِي الظَّاهِرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَانْفَسَخَ الْمِلْكُ مِنْ أَصْلِهِ لِظُهُورِ الْخَطَأِ فِي مُسْتَنَدِهِ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِمَا وَجَدَهُ مِنْهَا قَائِمًا، وَهَذَا [هُوَ] الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَذَكَرَ أَصْلًا مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي طَيْرَةٍ فَرَّخَتْ عِنْدَ قَوْمٍ أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ فِرَاخَهَا.

وَمِنْهَا رُجُوعُ الْأَبِ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ إذَا كَانَ قَدْ نَمَا نَمَاءً مُنْفَصِلًا هَلْ يَسْتَرِدُّهُ مَعَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

وَمِنْهَا: إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ جَمِيعَ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ وَنَمَا نَمَاءً مُنْفَصِلًا [وَمَاتَ] وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ وَجَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إجْمَاعًا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ حَقُّ الْفَسْخِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَإِذَا جَازَ وَأُسْقِطَ حَقُّهُمْ مِنْ الْفَسْخِ فَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ فِي اسْتِرْجَاعِ النَّمَاءِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّ النَّمَاءَ لِلْمُتَّهَبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015