يَسْرِي
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ فَأَكَلَ مِنْ لَبَنِهِ أَوْ بَيْضِهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَعَلَّقْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ لَازِمَةً بَلْ يُخَيَّرُ الْحَالِفُ بَيْنَ الْتِزَامِهَا وَبَيْنَ الْحِنْثِ فِيهَا وَتَكْفِيرِهَا [وَهَذَا] بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَبَنِهَا لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ عَادَةً إلَّا اللَّبَنُ فَأَمَّا نِتَاجُهَا فَفِيهِ نَظَرٌ.
(فَصْلٌ)
هَذَا حُكْمُ النَّمَاءِ فِي الْعُقُودِ وَأَمَّا فِي الْفُسُوخِ فَلَا تَتْبَعُ فِيهَا النَّمَاءَ الْحَاصِلُ مِنْ الْكَسْبِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْعَيْنِ فَفِي تَبَعِيَّتِهِ فِيهَا رِوَايَتَانِ
فِي الْجُمْلَةِ تَرْجِعَانِ إلَى أَنَّ الْفَسْخَ هَلْ هُوَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ حِينِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الِاسْتِتْبَاعِ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ: مِنْهَا: إذَا عَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ وَقُلْنَا لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا وَهَلْ يَرْجِعُ بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَظْهَرُهُمَا لَا يَرْجِعُ.
وَالثَّانِي: يَرْجِعُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ
وَمِنْهَا: الْمَبِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا نَمَا نَمَاءً مُنْفَصِلًا ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ هَلْ يَرْجِعُ الْبَائِعُ أَمْ لَا؟ خَرَّجَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَصَاحِبَيْ التَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ عَلَى وَجْهَيْنِ كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِهِ أَنَّ الْفَسْخَ بِالْخِيَارِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ فِيهِ بِلُزُومِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ فَعَلَى هَذَا يَرْجِعُ بِالنَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ فِي الْخِيَارِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ
وَمِنْهَا: الْإِقَالَةُ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ فَالنَّمَاءُ لِلْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ أَصْلِهِ حَكَاهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَيْضًا.
وَمِنْهَا: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَفِي رَدِّ النَّمَاءِ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ كَالْكَسْبِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّبَنَ وَحْدَهُ يُرَدُّ عِوَضُهُ لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ أَيْضًا أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ فِي رَجُلٍ بَاعَ مَاشِيَةً أَوْ شَاةً فَوَلَدَتْ أَوْ نَخْلًا لَهَا ثَمَرَةٌ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا أَوْ اسْتَحَقَّ أُخِذَ مِنْهُ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ إنْ كَانَ أَحْدَثَ فِيهِمْ شَيْئًا أَوْ كَانَ بَاعَ أَوْ اسْتَهْلَكَ فَإِنْ كَانَ مَاتَ أَوْ ذَهَبَ بِهِ الرِّيحُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ أَحْمَدُ كَمَا قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ يَرُدُّهُ مَعَ وُجُودِهِ وَيَرُدُّ عِوَضَهُ مَعَ تَلَفِهِ إنْ كَانَ تَلِفَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ تَلِفَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ضَمَانِهِ فَيَكُونُ كَالْأَمَانَةِ عِنْدَهُ وَأَمَّا إذَا مَا انْتَفَعَ بِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ عِوَضَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ وَكَمَا نَقُولُ فِي الْمُتَّهَبِ مِنْ الْغَاصِبِ أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِالْمَوْهُوبِ فَأَتْلَفَهُ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحَمَلَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ قَدْ دَلَّسَ الْعَيْبَ وَإِنْ كَانَ النَّمَاءُ مَوْجُودًا حَالَ الْعَقْدِ وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْمُدَلِّسِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ إلَّا أَنَّ نَصَّهُ فِي صُورَةِ الْإِبَاقِ وَهُوَ تَلَفٌ بِغَيْرِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي وَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى