وقد أنكر قولهم هذا من أدركه من السلف والأئمة، لما يلزم عليه من اللوازم الباطلة، المتضمنة لوصفه بالنقائص، وإنكار علوه على خلقه.
وكيف يمكن أن يقول قائل: إن الله تعالى بذاته في كل مكان، أو أنه مختلط بالخلق، وهو سبحانه قد {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} ، {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} ؟.
خامسا: هذه المعية لا تناقض ما ثبت لله تعالى من علوه على خلقه واستوائه على عرشه، فإن الله تعالى قد ثبت له العلو المطلق: علو الذات وعلو الصفة، قال الله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} ، وقال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
وقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة على علو الله تعالى
أما أدلة الكتاب والسنة فلا تكاد تحصر، مثل قوله تعالى: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} ، وقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} ، وقوله: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} ، وقوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ، وقوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} . إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء"،