دليل هذه القاعدة من الكتاب ومن السنة ومن الإجماع: أما من الكتاب: فقول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، يعني: إن شق عليها ولم تستطع أن تطبق الحكم فإنه ييسر عليها، وقال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق:7]، وقال جل في علاه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، وقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة:6]، وأيضاً عندما قالوا: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} [البقرة:286]، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: قد فعلت قد فعلت).
وقال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، وقال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:28].
وأما من السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد: (بعثت بالحنيفية السمحة) والسماحة معناها: السهولة واليسر، فكلما ضاق الأمر كلما جاء الشرع بالتيسير والتسهيل والسعة على المرء.
وكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، فكلما جاء العسر كلما صحبه اليسر، وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن رجلاً صلى خلف معاذ، فلما أطال معاذ انفرد الرجل بنيته وصلى منفرداً، فاشتد غضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أفتان أنت يا معاذ! إذا صليت بالناس فصل بسبح والسماء والطارق)، إلى آخر الحديث.
ولما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لا ندرك الصلاة من أجل ما يفعل فلان بإطالة الصلاة.
-يعني لا نذهب إلى صلاة الجماعة لأنه يطيل الصلاة- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم لستم منفرين)، أو قال: (ما بعثتم منفرين)، وأمر بالتيسير بقوله: (يسروا ولا تعسروا).