الصورة الأولى: امرأة كانت تسافر في صحراء، فنامت فأجنبت، فأرادت أن تغتسل فلم تجد سترة تستتر بها، وأرادت أن تصلي، وكانت الصلاة قرب سقوط حاجب الشمس.
فالمصحلة: الاغتسال والطهارة من أجل الصلاة، والمفسدة: أن تكشف عورتها أمام الأجانب.
والحكم الصحيح: أنها لا تغتسل؛ لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
فعندنا مصلحة نجمت، ألا وهي الاغتسال لرفع الحدث من أجل الصلاة، وعندنا مفسدة نازعت هذه المصلحة وهو تعري المرأة أمام الرجال، وفي ذلك من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله جل في علاه.
صورة أخرى: قام رجل بين رجال جنباً، وأراد أن يغتسل، وليس ثمة سترة.
فالمفسدة هنا: كشف العورة، والمصلحة: الاغتسال من أجل الصلاة.
فمن العلماء من خفف فيها وقال: هذه مفسدة خفيفة، فيضع يده على العورة ويغتسل، لا سيما أن بعض العلماء قالوا: العورة القبل والدبر فقط، بل ابن حزم ارتقى وقال: عورة الرجل في الصلاة وخارج الصلاة القبل والدبر، يعني: لو أخذ غصن شجرة فستر القبل وستر الدبر فصلاته صحيحة.
والعورة مختلف فيها، هل الورك يدخل في العورة أمْ لا؟ وهل هي من السرة والركبة أم لا؟ والمقصود: أنهم اختلفوا في هذه المسألة؛ لأن المفسدة خفيفة، فالمسألة مختلف فيها، والقول الراجح: أنه يخلع ثيابه، ويستر عورته أو ذكره بيده ثم يغتسل.