يبكون ويتضرعون، فأوحى الله عز وجل إلى أنبيائهم عليهم السلام لو مشيتم بأقدامكم حتى تحفى رُكبكُم وتبلغ أيديكم عنان السماء وتكِلَّ ألسنتكم عن الدعاء فإني لا أجيب لكم داعيًا ولا أرحم لكم باكيًا حتى تردوا المظالم إلى أهلها ففعلوا فمُطروا من يومهم. وقال مالك بن دينار: أصاب الناس في بني إسرائيل قحطٌ فخرجوا مرارًا فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إليّ بأبدان نجسة وترفعون إلي أكُفًا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بطونكم من الحرام، الآن قد اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بعدًا.
وقال أبو الصديق الناجي: خرج سليمان - عليه السلام - يستقي فمرّ بنملة ملقاة على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب غيرنا، فقال سليمان - عليه السلام -: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
وقال الأوزاعي: خرج الناس يتستقون فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر من حضر ألستم مقرّين بالإساءة؟ فقالوا: اللهم نعم، فقال" اللهم إنا قد سمعناك تقول: {ما على المحسنين من سبيل} وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا، اللهم فاغفر لنا وارحمنا واسقنا، فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا.