الملقي: معلوم أن الوالدين هم أولى الناس، فلنبدأ بالكلام عن الوفاء للوالدة كيف يكون في حال حياتها وأيضاً بعد ذلك.
الشيخ: يقول الله وهو أصدق القائلين: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الأنعام:151]، فقرن الله حقهما بحقه جل وعلا، وليس لأحد منة على أحد أكثر من منة الوالدة على ولدها، وقال صلى الله عليه وسلم: (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك).
فمن ذكر تجربة شخصية جهد الوالدة معه فهذا أمر محمود يدل على وفائه لوالدته.
الوالدان يملكان من الشفقة ومحبة الخير لأبنائهم ما لا يمكن أن يدركه الأبناء إلا إذا أصبحوا آباء، ولذلك فمن ورث العقوق لوالديه والله لا يمكن أن ينجم عنه خير لغيرهما أبداً ولهذا جعل الله جل وعلا على لسان نبيه أن العقوق مما تعجل به العقوبة في الدنيا.
والتاريخ فيه شواهد على من وفى مع والديه فأكرمه الله، ومن عق فأهانه الله، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول لـ عمر وللصحابة عن أويس القرني: (سلوه أن يدعو لكم)، وأويس لم يكن صحابياً ولم يشهد بدراً ولا الحديبية ولم يبايع تحت الشجرة؛ لكن أويساً كان باراً بوالدته، فبره بوالدته ووفاؤه معها جعله مستجاب الدعوة، حتى يتبعه رجل في مقام عمر يطلب منه أن يدعو له.
والمقصود من هذا أن الوالدة أحق الناس بالوفاء، ثم الوالد؛ فلا شك أنه لا أحد يحب أن يكون أحد أحسن منه إلا الوالد، فإنه يجب أن يكون ولده أفضل منه.
المقصود من هذا أن الوالدين لهما حقهما العظيم، ولا حاجة للإطناب؛ لأنه من جهل هذا الأمر فلا أظنه يعرف شيئاً، فحقوق الوالدين والوفاء معهما من أعظم خصال البر الدالة على كرم النفس، ومن رأى أحداً يحمل جفاء وعقوقاً لوالديه لا يأمنه على شيء.