المقدم: من الآيات التي نحتاج إلى بيانكم لها قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة:25].
السؤال عن آخر الآية، وهو قوله: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} [البقرة:25]، ما المراد به؟ ومعنى قوله تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة:25]؟ الشيخ: الآية يأمر الله فيها نبيه أن يبشر المؤمنين بأن لهم جنات، ومن ضمن ما في الجنات فاكهة وأنعام وخيرات.
قال الله جل وعلا عنهم: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا} [البقرة:25]، أي: أهل الجنة، {مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا} [البقرة:25]، أي: أهل الجنة: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} [البقرة:25]، فبنيت اللام على الضم لانقطاع الإضافة، فأصبحت هذه الإضافة تحتاج إلى أن تقدر: من قبل ماذا؟ فمنهم من قدرها بمعنى: من قبل أن يدخلوا الجنة، أي: في الدنيا، فيصبح المعنى: أنهم يرون ثماراً تشبه ثمار الدنيا، قال ابن عباس: ليس بينهما تشابه إلا في الأسماء.
لكنني أقول: هذا بعيد، والذي نراه والعلم عند الله أن ظاهر الآية أنهم يرزقون ثمرة ثم بعد ذلك إذا رزقوا منها خلا مكانها فإذا خلا مكان هذه الثمرة جاء غيرها، فإذا لجئوا إلى غيرها بعد ذلك ليأكلوه فإنهم عندما يرونه أول مرة يحسبونه كالأول فيقولون: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} [البقرة:25]، أي: ما تغير شيء، لكنهم إذا طعموا وجدوه يختلف، ولهذا قال الله بعد: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة:25].
الآن التشابه في الدنيا يعطيك خيارات لكن الخيارات في الدنيا لا بد أن يكون الترجيح بناءً على مقصد المرجح، يعني: إذا خيرت بين شيئين فاخترت أحدهما لم يدفعك إلى اختيار أحدهما إلا علو من وجه ما في الراجح، لكن الخيار الذي في الآخرة قال قتادة: خيار لا رذل فيه، يعني: لا يمكن أن يكون في أي منها نقص أو عيب.
{وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة:25]، أي: في ظاهرها واحد لكنها مختلفة الطعم، وهذا مستمر؛ لأن الله يعبر بـ (كلا) وهي تدل على الاستمرار.