المقدم: معلوم على القول الراجح أن الجنة باقية وأنها لا تفنى، لكن قد يشكل على البعض الآية التي يقول فيها عز من قائل: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:108]؟ الشيخ: هذه الآية في سورة هود، قال الله جل وعلا: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:105 - 108].
اختلف العلماء في هذه الآية إلى ثمانية أقوال: فمنهم من قال: إن الاستثناء هنا للمدة التي كانت قبل أن يدخلوا الجنة.
ومنهم من قال: إنها محمولة على عصاة المؤمنين الذين دخلوا الجنة متأخرين، يعني: كانوا قد لبثوا في النار فترة.
لكن الحق الذي نعتقده أن المعنى المراد إظهار قدرة الله ومشيئته وأنه ليس هناك استثناء، ونظيره في القرآن: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ} [يونس:16]، فعلقها بالمشيئة لبيان القدرة، ونظيره في القرآن أيضاً قول الله جل وعلا في الإسراء: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} [الإسراء:86]، وهذا أمر لم يقع وعلقه الله جل وعلا بالمشيئة حتى يظهر تبارك وتعالى قدرته وأنه جل وعلا رحمهم بالجنة لا عن ضعف، بل له القدرة الكاملة سبحانه هذا أفضل تخريج فيما أعلم لهذا النص.