كل هذا، لأنه عين الطرق المؤدية إلى القطع في الأحكام الشرعية، وهي كثيرة، وإن كان المذكور ها هنا الطرق القريبة المعتمدة على اللفظ المجرد وما قرب من القرائن.

فأدلة الكتاب والسنة والإجماع تفيد القطعية إما مباشرة وذلك أن يدل لفظ على التعليل وضعا على سبيل القطع كما هنا، وقد تفيد القطعيةَ بتتبع العُرف الاستعمالي والمقاصد الشرعية في علل الأحكام في مظانها وغير مظانها والوقوف على القرائن والشواهد وسائر ما يعين المستدل الناظر في أن وصفا من الأوصاف هو مناط الحكم الشرعي حتى يقطع بذلك، وقد لا يقطع غيره ممن لم يقف على مثل ما وقف.

فالتنويع في القطعية هنا يوافق ما تقرر غير مرة في هذا البحث من خصائص القطعية في الأدلة الشرعية، وأن أوسع مصدر للقطعية في الأدلة الشرعية هو ما يؤخذ من تتبع القرائن المعززة والشواهد المعِينة والنظر في وراثة النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله وشئونه في أمور الدين والدنيا مع آثار الصحابة رضوان الله عليهم ونهج السلف الماضين في الاستدلال واستنباط اليقين من كل ذلك، ففي ذلك لمن انتهج غُنيةٌ عن السبل الأخرى، وفيه لمن نظر وتحقق بلاغٌ إلى الطمأنينة والأمان بإذن الحكيم القدير. وهو تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015