ههنا، فإنه ذكر التعليل في القرآن الكريم وعرفه بأنه: ذِكر الشيء معللا، وأنه يكون أبلغ في الاعتبار من ذكره غير معلل، ثم ذكر أن غالب التعليل في القرآن يكون على تقدير جواب سؤال عن العلة اقتضته الجملة السابقة، ثم بدأ في ذكر الطرق الدالة على العلة فيه فقال: "الأول التصريح بلفظ الحكم، كقوله تعالى: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} وقال تعالى: {وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} 1، قال: "والحكمة العلم النافع والعمل الصالح"2.
فيمكن حمل كلامه - من مجموع ما سبق عنه ومما ذكر في تفسير تلك الآيات - على أن الآية على تقدير سؤال عن العلة بعد قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} أي ما الحكمة من إنزال هذا القرآن المشتمل على أنباء الأولين وقصص المكذبين برسلهم وما حلّ بهم من العقاب، أو من إنزال الآية الكونية في انشقاق القمر؟ فجاء بيان الحكمة وأن في ذلك تحقيقا للحكم الكوني القاطع بهدايته تعالى لمن هداه وإضلاله لمن أضله، بما يؤدي إلى العلم النافع والعمل الصالح. والله تعالى أعلم.
أثر القرائن في قطعية هذا المسلك:
والطريق إلى القطع بكون وصف من الأوصاف هو علة الحكم أعم من