ويُشكل على هذا ما سبق من أن مراد الرازي من (النص القاطع) يخالف مراد كثير من العلماء بـ (الصريح) في مسالك العلة، وأن ظاهر كلامه في المحصول أنه يعني بـ (النص القاطع) من طرق العلة ما يعني بالقطعي في غير هذا الموضع، وهو الذي لا يحتمل غير الظاهر منه ولو احتمالا بعيدا لا حقيقة ولا مجازا1، يؤيده أنه لم يذكر في (النص القاطع) إلا ما جاء فيه ذكر لفظ (العلة) أو ما يرادفه، وجعل سائر ما يذكره العلماء في (الصريح) من اللام والباء ونحوهما في قسم (النص الظاهر) .
الوجه الثاني: أن المراد بالقاطع في باب المسالك ما لم يوضع إلا
1 قال في المحصول في باب الترجيح 5/452: "وقد ذكرنا في كتاب القياس أن الطرق الدالة على علية الوصف في الأصل إما الدليل النقلي أو العقلي، أما الدليل العقلي فإما أن يكون نصا أو إيماء، أما النص فقد يكون بحيث لا يحتمل غير العلية وهو ألفاظ ثلاثة وهي قوله: (لعلة كذا أو لسبب كذا أو لأجل كذا".
أما ما يدل على أن الرازي لا يَعُد من (النص القاطع) الظاهرَ الصريح الذي يكون غير التعليل فيه مجازا فهو أنه لم يعد اللام من (النص القاطع) مع أنه قال فيها: "أهل اللغة صرحوا بأن اللام للتعليل وقولهم حجة، وإذا ثبت ذلك وجب القول بأنها مجاز في هذه الصور"، إشارة إلى الصور التي اعترض بها على كون اللام من المسالك الصريحة للعلة (المحصول5/139-140) ، فأثبت أنها صريحة في العلية مجاز فيما عداها ولم يعدها من (النص القاطع) ، فكان (النص القاطع) من مسالك العلة عند فخر الدين الرازي - على ما يؤخذ من الموضعين السابقين - اللفظ الصريح في العلية الذي لا يحتمل غير العلية فيما سبق من الاستعمال ولو مجازا.