قطعيتها إلا باحتفاف القرائن بها، فطرد مذهبه أن لا يرى أيًّا من الألفاظ المذكورة قطعيا مطلقا أو لا يرى منها قطعيا إلا لفظا احتف به من القرائن ما أزال عنه الاحتمالات العشرة التي ذكر أنها ترد على الأدلة اللفظية1.
ورُدّ هذا الاعتراض بوجهين:
الوجه الأول: أن مراد الرازي من (النص القاطع) في مسالك العلة الصريحُ في دلالته على العلية، ولا يقصد الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا2.
1 على ما يبدو من مذهبه في القطعية في بعض المواضع، فقد اختلف العلماء في تقرير مذهب الرازي في القطعية في الألفاظ، فمنهم من رأى أنه ينفي القطعية عنها مطلقا ومنهم من حمل مذهبه على أنه ينفي القطعية عند عدم القرائن. انظر ص (خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.) فما بعد.
والأصفهاني في شرحه للمحصول (الكاشف قسم القياس ص171-172) بعد أن أبطل الاعتراض المذكور ذكر أنه يرد على كلام الرازي في تقسيم هذا المسلك "إشكال متجه"، وذلك أنه فسر القاطع بالصريح (المحصول5/139) فيكون القسم المقابل للقاطع (وهو النص الظاهر) غير صريح مع أنه قال بعد أن ذكر اللام في ذلك القسم المقابل للقاطع: "فإن قلت: اللام ليست صريحة في العلية ... قلت: أهل اللغة صرحوا بأن اللام للتعليل وقولهم حجة"فظاهر هذا أنه عدّ اللام من (الصريح) ، فكانت اللام غير صريحة في أول كلامه صريحة في آخره.
لكن الرازي بيان مراده بـ (النص القاطع) في موضع آخر من المحصول (5/452) بأنه ما كان "لا يحتمل غير العلية"، وعلى هذا يكون (النص القاطع) عنده: الصريح الذي لا يحتمل غير العلية حقيقة أو مجازا، أما اللام فذكر أن استعماله في غير العلية - مع ثبوت تصريح أهل اللغة بأنه للتعليل - يكون من المجاز (المحصول5/140، 452) ، وهذا يحقق الاعتراض الذي ذكره القرافي وغيره على الرازي. والله تعالى أعلم.