سلوكُها إلى الأحكامِ الشرعية، وذلك البحث في حجيتها.
ثم فرّع أهلُ العلمِ على هذا الأصلِ مباحثَ كثيرة، بيَّنوا فيها حقيقةَ الأدلة، وطرقَ العملِ بها، وكيف يستنبط الناظرُ فيها أحكامَ الشريعة.
ومن فروع البحثِ في الأدلة الشرعية النظرُ في الاختلاف الواقعِ بينها من حيث القوة في الثبوتِ أو الدلالة، حتى يكونَ منها ما ينتهي في القوة إلى حيث يَفصِلُ كلَّ احتمال، فيلزم عالِمَه العملُ به ولا تجوز مخالفتُه بما يَقطع من العذر ويَدفع من الشبهة.
وقوةُ الدليلِ ووضوحُهُ في المراد من الاحتجاج أو المحاجَّة من أعظم الأسبابِ التي تورث الطمأنينةَ في القلب وتُوجِبُ - لمن حصَّلها - مزيدَ إقبالٍ على العمل، لما تُضْفِي على الحكم من أمن الخطأ، وتُقْصِي عنه من احتمال الزَّلَل، فمن ظَفِر على مطالبه بقواطع الأدلة، وكان طريقَه إلى الأحكامِ سواطعُ الحجج كان على يقين من أمره بسلوك الطريق الصحيحِ الموصلِ إلى ما يصبو إليه، وذلك من أسبابِ الرسوخِ في العلم والإمامةِ في الدين.
القطعية في الأدلةِ الشرعية من المباحث الأصيلةِ في أصول الفقه، لتعلقِه بصفةٍ من صفات الأدلة، وتفرُّعِه عن مبحث الحجية، وإن لعلماء أصول الفقه فيه تصريحات وإشارات.
وإن الوصول في البحث العلمي إلى اليقين المُستَنِد إلى الدليل القطعي يظل مطلبا مهما في غير العلومِ الشرعية أيضا، فكثيرا ما بقيت نتائجُ