الاجتهاديات المسائل الخلافية مطلقا سواء أكان فيها دليل قاطع أم لم يكن فيها دليل قاطع، وهو يثبت مع ذلك جواز الخطأ، أي أن الذي يرتفع عنده عن المجتهد في المسائل الخلافية هو اللوم دون جواز الخطأ.
ومن نوع ما ذكره أبو الحسين البصري عدم تسليم شيخ الإسلام ابن تيمية تعريف المسألة الاجتهادية بأنها المسألة التي ليس فيها دليل قاطع، وقال إشارة إلى تعريف الاجتهاد بذلك: "تضمن هذا أن ما يعلم بالاجتهاد لا يكون قطعيا قط، وليس الأمر كذلك فرب دليل خفي قطعي"1، وفي كلامه أمر آخر: وهو أن كون قطعية الدليل مانعة من الاجتهاد وموجبة للتخطئة لا يعني الاجتهاد وبذل الوسع في الوصول إلى الدليل القطعي، فإن القطعية ربما كانت مستندة إلى قرائن يستدعي تحصيلها استقراءً وبذلَ جهد في الوقوف عليها2.
والتحقيق أن معنى كون القطعية مانعا للاجتهاد أن الدليل القطعي إذا أثبت حكما معينا في مسألة لم يجز الاجتهاد في طلب حكم آخر فيها، فالقطعية إنما تمنع الاجتهاد بعد تحققها، أما الاجتهاد للوصول إلى الدليل القطعي الخفي فهو اجتهاد قبل تحقق القطعية عند الناظر المستدل فلا يكون ممنوعا.