ليس كما يظهر، بل الصحيح أنه لا خلاف في تخطئة مخالف الدليل القطعي بمعنى أن ما أفاده الدليل القطعي هو الصواب والحق، وأنما الخلاف في تأثيم المخطئ في المسألة التي فيها دليل قطعي إذا لم يقصر في طلب الدليل، بكونه أدى ما عليه من الاجتهاد1، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الأحكام الشرعية التي نصبت عليها أدلة قطعية معلومة - مثل الكتاب والسنة المتواترة والإجماع الظاهر كوجوب الصلاة والزكاة والصيام وتحريم الزنا والخمر والربا - إذا بلغت هذه الأدلة المكلف بلاغا يمكنه من اتباعها فخالفه تفريطا في جنب الله وتعديا لحدوده فلا ريب أنه مخطئ آثم وأن هذا الفعل سبب لعقوبة الله في الدنيا والآخرة، فإن الله أقام حجته بالرسل الذين بعثهم {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} 2 ... "3.
الاجتهاد والقطعية النسبية:
خالف أبو الحسين البصري في تعريف المسألة الاجتهادية بأنها التي ليس فيها دلالة قاطعة، واختار أن المسألة الاجتهادية هي كل مسألة خلافية، فقال: "إن مسائل الاجتهاد التي لا لوم على المخطئ فيها هي ما اختلف فيها أهل الاجتهاد من الأحكام الشرعية"4، فأدخل في