ولازما عند جميع من نظر فيه من المستدلين، بسبب أنه يحتاج للقطع به إلى قرائن ربما خفيت على بعضهم1، فيكون الدليل قطعيا عند زيد من الناظرين غير قطعي عند عمرو منهم، وعليه يقال إنه دليل بالنسبة لزيد مثلا، وأمارة بالنسبة لعمرو.

أما الاحتمال الثاني - وهو أن الخلاف في التفريق راجع إلى ما ذكر من أن الأدلة الظنية عند المفرقين لا تفيد لذواتها ظنا ولا رجحانا - فقد سبق ما فيه، وأنه غير مسلم2.

واعتذر بعض المعاصرين للمفرقين من المتكلمين، بأنهم فرقوا لأن معظم مسائل أصول الدين لا تثبت إلا بأدلة قطعية، فحدوا الدليل إذاً بما هو الغالب عندهم في مسائلهم3.

وعلى هذا يكون منشأ التفريق في غير أصول الفقه بل من آثار علم الكلام فيه، فإن المتكلمين لا يقبلون الدليل غير القطعي فيما هو عندهم من أصول الدين، فناسب عندهم أن يفرقوا في التسمية بين ما هو حجة عندهم في علم الكلام وما ليس بحجة، أما الفقه - الذي أدلته الإجمالية موضوع علم أصول الفقه - فكل دليل شرعي صحيح حجة في إثبات أحكامه، فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015