فما يبقى عليه إلا أن يحمل هذه الطائفة على جسر من أفكار الغير، ليعبر بهم إلى الضفة الأخرى حيث نجد عصابة من ماركسيين مزيفين، وقوميين مصطنعين، وأفراد مقنعين على وجوههم قناع الثورة.
وبهذه العملية الأولى تكون قد حصلت على نتيجة أولى؛ أن وحدة الصف المعنوية قد انفصمت في الوطن في الوقت ذاته الذي هو في حاجة لها لمواجهة مشكلات الاستقلال الصعبة وذات الأهمية الكبرى.
حتى أن عدد هذه المشكلات، عوض أن ينقص، يتزايد بقدر ما تأتي العملية بنتائجها الفكرية لدى هذا الشباب، وبنتائجها الاجتماعية في المجتمع، حتى يصبح هذا الشباب يلعب دور الفرملة عندما يضع عليه أخصائيو الصراع الفكري قدمهم، ونقول قدمهم لأنهم ينزهون أيديهم أن يضعوها على هذه الأجهزة حتى لا تتسخ.
وربما تبدو هذه الاعتبارات دون صلة بموضوع المستشرقين، نقول أجل لها صلة، على شرط أن نتبصر في العملية بصورة شاملة، لأنها في الوقت الذي نلاحظها من جانب الشباب الذي تحقن له حقنة من سيروم الكلاب المسعورة، فينطلق يلهث في مجال الديماغوجية، نراها تستمر في الناحية الأخرى حيث يصب نفس الأخصائيون في روح الجناح الآخر من شبابنا عقار النوم والسلوى من خالص إنتاج المستشرقين.
وهكذا تتم العملية على جناحي شبابنا، الجناح المصاب بالشلل المضطرب والجناح المصاب بالشلل المسكن، فالبعض يصيحون ويضطربون، والآخرون يحلمون في بلاد تتطلب النظام والجدية، وتتطلب الضمير المتيقظ على الدوام لمواجهة مشكلات الاستقلال.