القضايا الكبري (صفحة 204)

وهذا الحكم المسبَّق يجب أن نجعله قابلاً للإدراك بتطبيق طريقة التقسيم، والتحليل؛ ومن هنا يتعين علينا أن نحلل التاريخ إلى أجزائه الذَّريَّةَ، فالنشاط الفردي يمثل ضمن بعض الشروط المعيّنة: (ذرَّة) من التاريخ. ويمكننا أن نتمثله ضمن أكثر أشكاله بساطة، في صورة نشاط الصانع اليدوي المنْكَبِّ على عمله والمِقَصُّ في يُمْناه؛ أو في صورة نشاط الجندي المسلَّح بِبُنْدُقِيَّتِه في ميدان القتال.

فهذان الآدميان يصنعان التاريخ إذا تحقق لهما توفر الشروط العادية. ونحن نلاحظ في كلا الحالتين، أن نشاط العمل اليدوي أو الفلاحي أو الحربي، إنما يتم إنجازه ابتداء من حدّيْن مشاهدين هما: الإنسان وأداته؛ وإن كان الواقع أن هذين الحدَّيْن المشاهدين يُخْفِيان واقعاً أشد تعقيداً، لأن النشاط لا يتمُّ إنجازه فعلياً إلا ضمن شروط من شأنها أن تقدّم بالضرورة جواباً عن سؤالين هما: ((كيف)) يكون ذلك؟ .. ، و ((لماذا)) يكون؟

فالإنسان لا يتصرف كيفما اتَّفق، ولا دونما أسباب، وإلا جازف بالاضطلاع بمهمة مستحيلة أو لا معقولة.

والنشاط البشري لا يمكنه أن يُحدَّد بمعزل عن الطرائق التي تشرط إنجازه العملي، ولا بمعزل عن بواعثه الْمُعَلِّلَة (أ) ( Ses motivations) . ولذا فهو يتضن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015