القضايا الكبري (صفحة 203)

يستحدث دي غول ( عز وجلe Gaulle) الفرنك الجديد، فإنه من العسير أن نؤوّل مبادرته هذه، باعتبارها مجرد إجراءٍ بسيط متعلق بالاقتصاد أو بالنظام المالي، إذ هو يمثل على النقيض من ذلك مبادرة مستوحاة بصورة مشاهدة من مفهومية العَظَمَة (?).

وبصورة عامة فإن المظهر يمكنه أن يخدعنا في البلدان المتحضرة، حيث تتولى الثقافة في كلِّيتها تحريك السياسة، كما تُحَقِّقُ في دفعة واحدة جميع شروطها النفسية- الزمنية.

والذي يجب أن نقوله هو أن هذه الشروط ليست هي ذاتها في بلاد سبق لها أن أصبحت في حالة حركة، وفي بلاد يتعين عليها أن تنتج الحركة الضرورية لكي تتغلب على جميع ضروب العطالة ( inerties) الخاصة بمرحلة الانتقال. فالجزائر تمثل بلاداً فَتِيَّة يتعين عليها أن تجد الدافع المحرك لسياستها في علاقته الوظيفية بشروطها التاريخية الخاصة؛ وبتعبير آخر، يجب عليها أن تجد بمجهودها الخاص أفضل الوسائل والطرق الملائمة لشروطها، مع علمها بأن ما يكون ممكنناً ببلاد في طور من الحضارة متقدم في قليل أو كثير، قد لا يكون كذلك دائماً ببلاد لا تزال في فجر حضارة، أعني عندما يتعين الانطلاق من الصِّفر. فكل شعب يجب أن يصنع تاريخه بوسائله الخاصة، وبأيديه ذاتها.

والتاريخ، في أي مستوى من الحضارة يتمُّ إنجازه، إنما يمثل النشاط المشترك للأشياء، والأشخاص، والأفكار المتاحة في ذلك الحين بالذات، أي في نفس الأوان الذي يُواكِب عمليَّةَ إنجازه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015