قال تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ} [البروج:4] أي: لعن أصحاب الأخدود، والأخدود جمعه أخاديد وهي الحفر في الأرض، وهذا خبر عن قوم من الكفار عمدوا إلى من هم من المؤمنين بالله عز وجل، فقهروهم وأرادوهم أن يرجعوا عن دينهم، فأبوا عليهم، فحفروا لهم في الأرض أخدوداً، وأججوا فيه ناراً، وأعدوا لها وقوداً يسعرونها به، فقذفوهم فيها، ولهذا قال تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} [البروج:4 - 7] أي: مشاهدون لما يفعل بأولئك المؤمنين.
قال الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج:8] أي: وما كان لهم عندهم ذنب إلا إيمانهم بالله العزيز الذي لا يضام من لاذ بجنابه المنيع، الحميد في جميع أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، وإن كان قد قدر على عباده هؤلاء هذا الذي وقع بهم بأيدي الكفار به فهو العزيز الحميد، وإن خفي سبب ذلك على كثير من الناس.
ثم قال تعالى: ((الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) أي: من تمام الصفة أنه المالك لجميع السماوات والأرض، وما فيهما وما بينهما، ((وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) أي: لا يغيب عنه شيء في جميع السماوات والأرض ولا تخفى عليه خافية.