فإبليس يمكر بهذا المكر، ويعد هذه الخطة من العداوة الشديدة لبني آدم، وهو قد قال أيضاً أنه سوف يسعى في إغوائهم أجمعين إلا عباد الله المخلصين، قال تعالى حاكياً عنه: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص:82 - 83] وفي قراءة أخرى: (المخلِصِين) فهذا يدفعنا إلى أن نسعى في الإخلاص، وأن نكون مخلصين لله (والمخلَصين): الذين أخلصهم الله لعبادته، فإذا عبدت الله كنت ناجياً عند الله، فاعرف عداوة إبليس قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6]، فهو خطر عظيم وعدو لا ينام! قال الحسن: لو نام إبليس لاسترحنا من هذه النظرة التي أنظرها.
لأن حياته ممتدة، فلو نام إبليس لاسترحنا منه لكن عداوة شديدة لا تنقطع بينه وبين بني آدم، فهو ينشر سراياه في الأرض كلها، وأعطاه الله لكل من يولد من بني آدم يولد له من ذريته مثله ليكون قرينه والعياذ بالله، فانظر إلى كم عدد الجنود الكبيرة لإبليس وكلها لا تساوي عند الله عز وجل شيئاً! وهي في الحقيقة صغيرة تافهة حقيرة؛ لأنها في معصية الله وفي الكفر به وفي الصد عن سبيله، وإن كان أكثر الناس يستجيبون له إلا من رحم الله من عباد الله المخلصين، اللهم اجعلنا منهم.