وكثير من الناس يَغْفُلُ عن نوع خطير من أنواع السحر مع أنه داخل في قوله عز وجل: ((وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ))، وهو سحر البيان الذي يجعل الحق باطلاً، والباطل حقاً، والسحر أصلاً: يقال للشيء الخفي الذي يدخل بلطف من غير شعور، وبطريقة غير ظاهرة في التأثير، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن من البيان لسحراً)، وهذا ذم لهذا النوع من البيان الذي يقلب الحقائق، وهذا السحر منتشر في أرجاء الأرض مشارقها ومغاربها، حتى إنه يجعل المظلوم ظالماً، والظالم مظلوماً، والمجرم بريئاً، والبريء مجرماً، ألم تسمعوا أن هيئة كبرى في إحدى الدول الأجنبية طالبت رئيسها بمعاقبة الفلسطينيين؛ لتسببهم في سفك الدماء وإحداث العنف، وأنهم لا بد أن يعاقبوا أشد العقاب؛ لكي يمتنعوا عن ذلك؟! وحدث بالإعلام المخرَّبِ للعقول الذي يجعل هذا المظلوم المذبوح هو الذابح! والناس هؤلاء يتصورون أنَّ عند هؤلاء المذبوحين قسوة فظيعة في التعامل، وهذا من انقلاب الأمور، كما يرى كثير من الناس التزام الحق والسنة واتباع الكتاب نوعاً من الغلو والتطرف والبعد عن الوسطية المطلوبة، ونحو هذا مما يقوله كثير من الناس، وكل هذا بسبب هذا النوع الخطير من السحر، ولكن كما قال الله: ((وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ)).