إن الشرع يأمرنا أن نسأل الله العافية، لذلك لا يشرع لنا طلب البلاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تتمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاثبتوا، وسلوا الله العافية) ولذلك نقول: إن سؤال الله عز وجل العافية هو مما أمر به الشرع، ولا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للبلاء فتعريض النفس للبلاء، والمجازفة بها، وقول الإنسان: إنه لا يهمه البلاء، نوع من الغرور، والإعجاب بالنفس، والثقة الزائدة بها، وهذا أمر خطير للغاية، فهذا يدل على وجود أمراض كامنة في القلب ربما كانت سبباً لعدم التوفيق وعدم الثبات، وكانت سبباً لحصول الخذلان والعياذ بالله! فالأمر الذي أمرنا به من سؤال الله العافية هو الأمر الشرعي، ووقوع البلاء أمر قدري كوني، يجري علينا بغير طلبنا، فإذا وقع فعلى الإنسان ألّا يترك الواجب، وألّا يفعل المحرمات إلا عند الإكراه، ولا يكون كالذي قال الله عز وجل فيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت:140 - 11].
ولذلك نقول: إن الفرار من البلاء مشروع، فإذا وقع فعلى المرء أن يثبت، وليقدم على الجهاد الذي أمر الله به، ولذا جاء في الحديث: (لا تتمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاثبتوا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)، فأنت تؤدي واجباً فلا تفر من المعركة فراراً من البلاء، قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة:49].
فلذلك نقول: إن الإنسان لا يتعرض للبلاء بنفسه، بل يجب عليه أن يسير في طريق الحق ملتزماً بالواجبات، تاركاً للمحرمات، سائلاً الله العافية، فإذا وقع البلاء ثبت، ولا يقول: أنا لا يهمني شيء، وأنا لا أعبأ بهذا البلاء، فهذا كلام خطير -كما ذكرنا- يدل على أنواع من الأمراض القلبية.