لذلك يستهلُّ صارِخاً، إِلّا عيسى ابن مريم، فإِنه حينَ ذَهَبَ ينخَسُه نَخَسَ في

الحِجاب ".

أي: لَمَّا نَخَسَه لم يُصِبْ بَدَنَه، وإِنما وَقَعت النخسَةُ في ملابِسه..

وقد استجابَ اللهُ دُعاءَ أُمِّ مريم - عليها السلام -، عندما عَوَّذَتْها بالله.

قال تعالى: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) .

ولا علاقةَ للشيطانِ بالقرآن، وقد كانَ القرآنُ صريحاً في نفي هذه العلاقةِ

في آياتٍ كثيرة، منها قولُه تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) .

وقوله تعالى: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) .

***

هل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مذنب؟

عِنوانُ الفادي الخبيثِ هو: " وِزْرٌ ينْقضُ الظَّهرَ ".

أَيْ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ له من الأَوزارِ والذنوبِ ما أَتْعَبَه وأَنقضَ ظَهْرَه.

وَقَفَ أَمامَ قولِ اللهِ - عز وجل -: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (?) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) .

ونَقَلَ عن تفسيرِ البيضاويِّ كلاماً غيرَ دَقيقٍ وغيرَ مُسَلَّمٍ في تفسيرِ الآية، وخَرَجَ منه بأَنَّ للرسولِ وزراً وذَنْباً ومعصية، وَضَعَه عنه الله.

وهذا كلامٌ باطل، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - معصومٌ عن الذنوبِ والمعاصي.

والوِزْرُ في الآيةِ ليس هو الذنْبَ، وإِنما هو حملُ مهمةِ الدعوةِ وواجبِ الرسالة، والاهتمامُ بالناسِ ودعوتِهم وإِرشادِهم، وهذه مهمةٌ ثقيلةٌ شاقَّة، وقد أَعانَ اللهُ رسولَه - صلى الله عليه وسلم - على حَمْلِها، وخَفَّفَ عليه أَداءَها، ولولا فَضْلُ اللهِ عليه لما تمكَّنَ من ذلك.

فالوزْرُ هنا حِمْلٌ معنويّ نفسي، وليس حِمْلاً ماديّاً على الظهر، وهو

وِزْرٌ إِيجابيٌّ فيه تبليغٌ للدعوة، وليس وِزْراً سَلْبِيّاً فيه ذنبٌ ومخالفةٌ ومعصية (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015