وفي " ونُزِّلَ الملائكة " قراءتان:
الأُولى: قراءةُ ابنِ كثير المكي: " وَنُنَزِّلُ الملائكةَ " على أَنَّ الفعلَ
المضارعَ مُسندٌ إِلى الله، و " الملائكةَ ": مفعولٌ به.
والمعنى: وننزلُ نحنُ الملائكةَ تنزيلاً.
الثانية: قراءةُ التسعة - نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبي
عمرو وأبي جعفر ويعقوب وخلف -: (وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ) .
على أَنه فعلٌ ماض مبنيٌّ للمجهول، و " الملائكةُ ": نائبُ فاعلٍ مرفوع.
والمعنى: يُنَزَّلُ الملائكةُ تنزيلاً في ذلك اليوم.
والقراءَتان متكاملتان، وليستا مختلفتَيْن، فإِذا كانَ اللهُ يُنزلُ الملائكةَ
تنزيلاً على قراءةِ ابن كثير، فإِنَّ الملائكةَ يُنَزَّلونَ تَنزيلاً في ذلك اليوم، على
قراءةِ القراءِ التسعة.
قَدَّمَ الفادي الجاهلُ أَمثلةً على دَعواهُ الغبيةِ على وُجودِ الاختلافِ في
القرآن، وليتَه لم يُقَدّمْ تلك الأَمثلة، فقد فَضحَ نفسَه، وأَبانَ عن جَهْلِه وغَبائِه.
ذَكَرَ أَنَّ الاختلافَ اللفظي في القرآنِ له ثَلاثَةُ مظاهر: تَبديلُ اللفظِ، وتَبديلُ التركيب، والتبديلُ بالزيادةِ والنقصان.
لِننظرْ في الأَمثلةِ الدالَّةِ على الاختلافِ بتبديلِ الأَلفاظِ والتراكيبِ، والزيادةِ والنقصان.
- قالَ تعالى: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) .
ادعى الفادي أَنَّ الآيةَ: " وتكونُ الجبالُ كالصّوفِ المنفوش ".
فَتَم تَبديلُ " الصّوفِ " إِلى " العِهْنِ " ولا أَدري مَنْ أَدراهُ أَنَّ أَصْلَ الآيةِ بالصوفِ وليس بالعهن.
- قال تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) .
ادعى الفادي أَنَّ الآيةَ: " فَامْضُوا إِلى ذكر الله ".
فتمَّ تَبديلُ " فامضوا " إِلى (فَاسْعَوْا) .