وهاجموا القافلةَ، فَقَتلوا أَحَدَ المشركين، وأَسَروا اثنَيْن، وهربَ الرابعُ إِلى
مكة، ليُخبرَ قُرَيْشاً بما جَرى، وأَتَوا بالقافلةِ والأَموالِ والأَسيرَيْن إِلى
رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة.
وأَثارَتْ قريشٌ حرباً إِعلاميةً ضخمةً ضدَّ المسلمين، وقالَتْ لقبائلِ
العرب: انْظُروا إِلى محمد الذي يَزعمُ أَنه رسولُ الله، وأَنه يحترمُ الحُرُمات،
ها هو ينتهكُ حرمةَ الشهرِ الحرام، الذي أَجمعَ العربُ على تحريمِ القتالِ فيه،
ويَقتلُ أَحَدَ رجالِنا في رجب الحرام!.
فأَنزلَ اللهُ آيةً محكمةً تَرُدُّ على إشاعاتِ قريش، وتُدينُ قتْلَ الرجلِ في
الشهرِ الحرام، وتَذكرُ جرائمَ قريشٍ الكبيرةَ الفظيعةَ بجانبِ قَتْلِ ذلك الرجل!
وهي قولُ اللهِ - عز وجل -: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) .
والمعنى: يَسألُ الكفارُ عن حكمِ القتالِ في الشهرِ الحرام، وعن حكمِ
القَتْلِ في الشهرِ الحرام، والجوابُ على سؤالهم أَنَّ القتالَ والقَتْلَ فيه كبيرٌ.
وهذا معناهُ: أَنَّ الصحابةَ الذين قَتَلوا الرجلَ في الشهرِ الحرام كانوا مُخطئين
في اجتهادِهم، لأَنه لا يَجوزُ القتالُ والقتلُ في الشهرِ الحرام.
لكنَّ خطأَ الصحابة في قَتْلِ الرجلِ في الشهرِ الحرام لا يَكادُ يُذْكَرُ أَمامَ
سلسلةِ الجرائمِ التي ارتكبَتْها قريشٌ ضدَّ المسلمين، وذَكرت الآيةُ تلك الجرائمَ بقولها: (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) .
والمعنى: إِذا أَخطأَ المسلمون بقَتْلِ رجلٍ كافرٍ في الشهرِ الحرام، فإِنَّ
كُفارَ قريشٍ قد ارتكبوا سلسلةً فاحشةً من الجرائم، منها: صَدُّهم عن سبيلِ الله، والكفرُ بالله، والكفرُ والشركُ وعبادةُ غيرِ الله في المسجدِ الحرام، وإِخراجُ أَهْلِ