تجري بسرعةٍ محدَّدَة، منذُ أَنْ خَلَقها الله، وستَبْقى تَجْري بنفسِ السرعةِ التي
حَدَّدَها لها الله، إِلى أَنْ تَبلغَ مُسْتَقَرَّها، وتَصلَ إِلى مكانِ استقرارِها، وهو ما
سيكونُ عند قيامِ الساعة!.
وهذا ما قصدَه الإمامُ البيضاويُّ بقولهِ: " (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا) : " لحَد مُعَيَّنٍ يَنتهي إِليه دورُها، شُبِّهَ بمستقَرِّ المسافرِ إِذا قَطَعَ مَسيرَه..
وقولِه: " أَو لمنقطعِ جَرْيها عندَ خَرابِ العالم ".
إِنَّ الآيةَ تصرحُ بأَنَّ الشَّمْسَ تَجْري وتَتَحركُ وتَسير، وتَسيَحُ في الفضاء،
وهي في حالةِ جَرَيانٍ دائم، بدونِ تَوَقُّف، إِلى أَنْ تَصِلَ مُسْتَقَرَّها، وتبلغَ
نهايتَها، وهذا عندَ قيامِ الساعة.
وهذا كلامٌ لا يُوافقُ عليه القِسّيسُ الفادي، ويَعتبرُه خَطَأً في القرآن، لأَنَّه
يرى أَنَّ الشمسَ ثابتة لا تَجْري ولا تَتحرك.
ولذلك اعترضَ عليه قائلاً: " ونحنُ نَسْأَل: الشمسُ ثابتة، تَدورُ حولَ
نفسِها، ولا تَنتقلُ من مكانها، والأَرضُ هي التي تَدورُ حولَها، فكيفَ يَقولُ
القرآنُ: إِنَّ الشمسَ تَجْري، وإِنَّ لها مُسْتَقَرَّاً تَسيرُ إِليه؟ ! ".
وما يقولُه الفادي يُخالفُ مقرراتِ الفَلَكِ المعاصِرِ، فقد كانَ علماءُ
الفَلَكِ السابقونَ يَظُنّونَ أَنَّ الشمسَ ثابتة في مكانِها، لا تَجري ولا تَتحرك..
ولكنْ ثَبَتَ في الفَلَكِ حَديثاً أَنَّ الأَرضَ تَجري، وأَنَّ الشمسَ تَجري، وأَنَّ
الكواكبَ تَجري، وأَنَّه لا أَحَدَ ثابتٌ واقفٌ في مكانِه، وكلّ في فَلَكٍ يَسْبَحون، وسَيَبْقى جَرَيانُ هذه الكواكبِ إِلى أَنْ تَبْلُغَ مستقرَّها، فتتوقَّفَ عن الجَرَيان، وهذا عندَ قيامِ الساعة!.
إِنَّ الفادي هو الذي أَخْطَأَ خَطَأً جُغْرافياً فَلَكيّاً عندما زعمَ أَنَّ الشمسَ
ثابتة، لا تنتقلُ من مكانِها، وأَنَّ القرآنَ أَخْطَأَ عندما أَخبرَ أَنها تَجري لمستقَرٍّ
لها ...
فما قالَه القرآن فهو الصواب، المتفقُ مع آخرِ مُقَرَّراتِ علْمِ الفَلَكِ