ومن بابِ المبالغةِ في التحدي افتتحَ بعضَ السورِ بالحروف المقَطَّعَة، باعتبارِ الحروفِ هي المادَّة الأولية للكلامِ العَرَبي، لأَنَّ الكلمةَ مكوَّنَة من تلك

الحروفِ البنائية..

وكأَنَه لي قولُ لهم: القرآنُ بلسانٍ عربيٍّ مُبين، مكوَّن من هذهِ

الحروف، ولغتُكم العربيةُ مكوَّنَة من هذه الحروف، وأَنتم تُحسنونَ الكلامَ بهذهِ اللغة وتَزعمونَ أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أَلَّفَ القرآنَ من هذه الأَحرف..

فخُذوا هذه الأَحرفَ مفكوكَةً مَفْرودَة، وصُوغوا منها سورةً أَو عَشْرَ سُوَرٍ مثلَ هذا القرآن!

فإِن استطعْتُم ذلك ثَبَتَ أَن القرآنَ من تأليفِ محمد - صلى الله عليه وسلم - ...

وإنْ لم تَستطيعوا وعَجَزْتُم عن الإِتيانِ بالمطلوب ثبتَ أَنَّ القرآنَ كلامُ الله، وأَنَّ محَمَّداً هو رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ووجبَ عليكم تصديقُه والدخولُ في دينه!.

والدليلُ على أَنَّ هذا هو الرأيُ الراجح، أَنَّ الحروفَ المقطَّعَة الواردةَ في

بدايةِ بعضِ السور أَربعةَ عَشَرَ حرفاً.

بعدَ إِسقاطِ المكرر منها، وأَنَّ بعضَهم جمعَها في جملةٍ مفيدةٍ ذاتِ دلَالة، وهي: نَصّ حَكيمٌ قاطِعٌ لَهُ سِرٌّ.

ومما يُشيرُ إِلى هذه الدلالةِ والحكمةِ والنتيجةِ من ورودِ الحروفِ المقطعةِ في

افتتاحياتِ بعضِ السور، ورودُ آيةِ التحدي في سورةِ هود، وهي مفتتحةٌ بقوله تعالى: (الر) .

وقالَ اللهُ فيها يتحدّى المشركين: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) .

***

هل في القرآن كلام أعجمي؟

وَقَفَ الفادي أَمامَ بعضِ الكلماتِ القرآنية التي ظَنَّها أَعجمية، واعتبرَ

وُجودَها في القرآن يَتعارضُ مع الآياتِ التي تتحدَّثُ عن عربيةِ القرآن، كقوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) .

وقوله تعالى: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015