لم يَستوعِبْ عَقْلُ الفادي الصغيرُ أَنْ يخلعَ اللهُ جَبَلاً من الأَرض، وأَنْ
يرفعَه إلى الأَعلى وأَنْ يوقفَه فوقَ مجموعة من الناس! وكيفَ يَحصلُ هذا؟
ولماذا لم يَقعْ على رؤوسهم؟
فما ذكَرَه القرآنُ - في رأْيه - غيرُ صَحيح!!.
لو زَعَمَ إِنسانٌ قويٌّ أَنه خَلَعَ جبلاً ورَفَعَه في الجو لما صَدَّقْناه، لأَنَّ
القوةَ البشريةَ محدودة، ولا تَستطيعُ قوةُ أَيِّ شخصٍ أو دولةٍ فعلَ ذلك، مهما عَظمَتْ.
أما قوةُ اللهِ فإِنَّها مُطْلَقَة، لا حُدودَ لها، ولا قُيودَ عليها، وقُدْرَتُه نافذةٌ
فاعلة، لا يوقِفُها أَيُّ شيء، فاللهُ قويٌّ قادرٌ على قَلْعِ الجبلِ من الأَرضِ،
وإِيقافِه في الجوِّ بين السماءِ والأَرض، بدونِ أَعمدة، وإِعادتِه مكانَه، يَفعلُ
هذا، ويفعلُ ما هو أَكْبرُ منه! وبما أَنه أَخْبَرَنا عن ذلك في القرآن، فإِننا نجزمُ
أَنَّ ذلك حَصَل، لأَننا نُصدِّقُ كُلَّ ما وَرَدَ في القرآن!.
ولا أَدري لماذا يَستبعدُ الفادي ذو العقلِ الصغيرِ هذه الحادثة، وقد وَرَدَ
في كتابِه المقَدَّسِ حوادِثُ أَكبرُ منها، وهو يؤمنُ بها لأَنها واردةٌ في كتابِه.
من ذلك شَقُّ البحرِ لموسى - عليه السلام -، ونجاتُه هو وأَتباعه من بني إِسرائيل، عندما لحقَهم فرعونُ وجنودُه.
وقد أخبرَنا اللهُ عن ذلك في القرآن، قال تعالى: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) .
موسى - عليه السلام - يقفُ أَمامَ البحر، ويأْمُرُه اللهُ أَنْ يضربَه بعصاه، ولما فَعَلَ فَلَقَ اللهُ البحرَ فلقتَيْن، وقَسَمَه إِلى قِسْمَيْن، بينهما فاصِلٌ من الأرضِ الصلبةِ اليابسة، ووقفَ الماءُ على الجانبَيْنِ كالجبلِ العظيم، لا يمسكُه سَدّ أَو حاجِز!
فمن الذي فَعَلَ ذلك؟
ومَن الذي أَوجَدَ الطريقَ اليَبَسَ ليَمُرَّ عليه موسى ومَنْ معه؟
ومَن الذي أَمسكَ الماءَ على الجانبين فلم يُغْلِقِ الطريقَ ولم يجتمعْ مع بعضه؟
إِنه الله!.