أَخبرَ اللهُ أَنه لما قَضى على سليمانَ - عليه السلام - الموتَ وَحانَ أَجَلُه، تَوفّاهُ اللهُ وقبضَ روحَه، ولم يَعْلم الجنُّ بوفاتِه إِلّا بعدَ أَنْ أَكلتْ دابَّةُ الأَرضِ مِنْسَأَتَه، وهي عصاهُ التي كان يستعملُها، فبعدَما أَكلتْ دابَّةُ الأَرض عَصاه، خَرَّ سليمانُ - عليه السلام - على الأَرض، وسَقَطَ جثةً هامدة، ففوجئَ الجِنُّ بذلك وثبتَ لهم أَنهم لا يعلمونَ الغيب، فلو كانوا يَعلمونَ الغيبَ لعَرَفوا بموتِه.
وذهبَ الفادي إِلى تفسيرِ البيضاوي ليأخذَ منه تفسيرَ الآية، وأَخَذَ منه
كَلاماً لم يَثبت، وقَدَّمَ تفصيلاتٍ لموتِ سليمان - عليه السلام - ليس عليها دليلٌ صحيح.
تقولُ تلك الروايات: " بَدَأ داودُ - عليه السلام - بناءَ الهيكلِ في بيتِ المقْدِس، لكنّه ماتَ قبلَ إِتمامِ البِناء، فتولَّى ابنهُ سليمانُ - عليه السلام - إِتمام البناء، واستخدم الجنَّ في البناء، وكانَ شَديداً عليهم، ودَنا أَجلُه، وخشيَ إِنْ ماتَ قبلَ إِكمالِ البناء، أَنْ يتوقَّفوا عن العمل، فأَمرهم أَنْ يَبْنوا له بَيتاً من زُجاج، ليسَ له باب، ودَخَلَ سليمانُ البيتَ الزجاجي، وقامَ يُصلّي وهو مُتَّكِئٌ على عصاه، وهم يَعمَلونَ في البناء..
ومات وهو متكئٌ على عَصاه، وهم يرونَه يَنظرُ إِليهم.
وبقيَ مُتَّكئاً على العَصا حتى أَكَلَتْها الأَرَضَةُ، عند ذلك سَقَطت العصا، فخرَّ على الأَرض، ولما حَسَبَ الجنُّ الزمنَ وَجدوه قد مات قبلَ سنة، فتعَجَّبوا! ".
وعَلَّقَ الفادي على هذه الأُسطورةِ بقوله: " ونحنُ نسأَل: كيفَ يَموتُ
سليمانُ الملك، ويَستمرُّ سَنَةً دونَ أَنْ يَعلمَ به أَحَد؟
أَينَ نساؤُه؟ وأَينَ أَولادُه؟ وأَينَ حاشيتُه؟ وأَينَ شعبُه؟
ألا يوجَدُ واحدٌ من هؤلاء يَسأَلُ عنه؟
وهل يتصوَّرونَه قائماً يُصَلّي على عَصاهُ سَنَةً كاملةً، بدونِ نومٍ ولا أكلٍ ولا شربٍ ولا اسْتِحْمام؟
وكيفَ لما ماتَ على عَصا لم يَسْقُط؟
أَلم يتحلَّلْ جسدُه ويُصِبْهُ النَّتنُ والتَّعفنُ؟
ولما أَكلت الأَرَضَةُ جُزْءاً من العصا أَلَمْ يختلّ توازُنُه ويَسْقُط؟
أَليس تآكلُ العَصا في يوم يَكفي لسقوطِ الميتِ، كتآكُلِها إِلى آخِرِها لمدةِ سَنَة؟
وإِذا كان سليمانُ قد بنى على نفسِه صَرْحاً من قواريرَ لِيُعَمِّي عينَ الإِنسِ والجنِّ عن موتِه، فلماذا لم يَعلمْ مُقدَّماً الدور الذي ستَلْعبُه الأَرَضَة؟ ".