توارثوه من أَيامِ إِبراهيمَ - عليه السلام -، لكنَّهم أضافوا له كثيراً من ممارساتِهم الجاهليةِ الباطلة، فأزالَ اللهُ ذلك، وأَعادَ لشعائر الحَجِّ صِفَتَها الإِيمانيةَ الخالصة، فعندما يُؤدّي المسلمونَ مناسِكَ الحَجّ فإِنهم يُنَفِّذونَ بذلك أَمْرَ اللهِ سبحانه..
قالَ تعالى في أَمرِ إِبراهيم - عليه السلام - بالحج: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) .
أَمّا تَقبيلُ الحجرِ الأَسود فقد تهكَّمَ الفادي السفيهُ عليه بسوءِ أَدَب " قال:
" ونحنُ نَسْأَلُ: هل في الحجر الأَسودِ روحٌ حتى يحسَّ بحرارةِ القُبْلَةِ التي
يَطبَعُها المسلمون عليه، أَو هل فيه عَقْلٌ يُدركُ تَقديرَ المسلمينَ له وِإِكرامَهم
إِيَّاه؟
ولماذا يُعطي المسلمونَ كَرامةً لحَجَر، كان يُؤَدّيها عَرَبُ الجاهليةِ
لأَوثانِهم أو كيفَ أَقْدَمَ محمدٌ على هذا الإِكرام الديني للحَجَر؟
وكيفَ أبقى محمدٌ هذا الحَجَرَ في الكعبةِ، ولم يَعْزِلْه
كما عَزَلَ بقيةَ الأَصنام؟! ".
إِننا نتركُ الأُسلوبَ البذيء الذي صاغ المجرمُ به أَسئلتَه الوقحة، ونُقَرِّرُ
أَنَّ العَرَبَ الجاهليين لم يَكونوا يَلْمَسون الحَجَرَ الأَسودَ أَو يُقَبِّلونَه، عندما كانوا يطوفونَ بالكعبة.
وإنَّ لَمْسَ الطائفينَ له وتقبيلَه تَشريعٌ إسلاميّ، وليس عادَةً جاهلِية.
وهذا لا يَعني إِكرامَ المسلمينَ له لأَنه مجرَّدُ حَجَر، ولكنهم بذلك يُنَفَذون
أَمْرَ الله، وهم بذلك يَعْبُدونَ الله، وتَقبيلُهم الحَجَرَ الأَسودَ كالطوافِ بالكعبة، وهم عابِدونِ للهِ عندما يَطوفون بالكعبة، وعابِدونَ لله عندما يُقَبّلونَ الحَجَرَ الأَسود.
وما أَجملَ ما قالَه عمرُ بن الخطابِ - رضي الله عنه - وهو يُقَبل الحَجَرَ الأَسودَ أَثناءَ طوافِه: " واللهِ إِنِّي لأَعلمُ أنك حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولا تَنفع، ولولا أَنّي رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبّلُك ما قَبَّلْتُك ".